Comentario de Al-Zurqani sobre Muwatta del Imam Malik
شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك
Editor
طه عبد الرءوف سعد
Editorial
مكتبة الثقافة الدينية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1424 AH
Ubicación del editor
القاهرة
Géneros
Ciencia del Hadiz
الصَّفِّ الْأَوَّلِ هَلْ هُوَ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ أَوِ الْمُبَكِّرُ السَّابِقُ إِلَى الْمَسْجِدِ؟ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ قَالَا: فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالنَّاسِ حَائِلٌ كَمَا أَحْدَثَ النَّاسُ الْمَقَاصِيرَ فَالصَّفُّ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي يَلِي الْمَقْصُورَةَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ مَنْ بَكَّرَ وَانْتَظَرَ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ مِمَّنْ تَأَخَّرَ وَصَلَّى فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَفِي هَذَا مَا يُوَضِّحُ مَعْنَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَأَنَّهُ وَرَدَ مِنْ أَجْلِ الْبُكُورِ إِلَيْهِ وَالتَّقَدُّمِ.
وَقَالَ ﷺ: " «أَتِمُّوا الصَّفَّ الْمُقَدَّمَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ فِي الْمُؤَخَّرِ» " (ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا) شَيْئًا مِنْ وُجُوهِ الْأَوْلَوِيَّةِ بِأَنْ يَقَعَ التَّسَاوِي، أَمَّا فِي الْأَذَانِ فَبِأَنْ يَسَتَوُوا فِي مَعْرِفَةِ الْوَقْتِ وَحُسْنِ الصَّوْتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا فِي الصَّفِّ فَبِأَنْ يُصَلُّوا دُفْعَةً وَاحِدَةً وَيَتَسَاوَوْا فِي الْفَضْلِ.
(إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا) أَيْ يَقْتَرِعُوا (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنَ الْأَمْرَيْنِ لِيَشْمَلَ الْأَذَانَ وَالصَّفَّ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الْهَاءُ عَائِدَةٌ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لَا عَلَى النِّدَاءِ وَهُوَ وَجْهُ الْكَلَامِ ; لِأَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ إِلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إِلَّا بِدَلِيلٍ، وَنَازَعَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَقَالَ: يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَبْقَى النِّدَاءُ ضَائِعًا لَا فَائِدَةَ لَهُ، قَالَ: وَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى مَعْنَى الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾ [الفرقان: ٦٨] (سُورَةُ الْفُرْقَانِ: الْآيَةُ ٦٨) أَيْ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ، قَالَ الْحَافِظُ: وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكٍ بِلَفْظِ: لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِمَا فَهَذَا مُفْصِحٌ بِالْمُرَادِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ.
(لَاسْتَهَمُوا) اقْتَرَعُوا وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ﴾ [الصافات: ١٤١] (سُورَةُ الصَّافَّاتِ: الْآيَةُ ١٤١) قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ: قِيلَ لَهُ اسْتِهَامٌ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْتُبُونَ أَسْمَاءَهُمْ عَلَى سِهَامٍ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ غَلَبَ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ لِمَنْ قَالَ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى مُؤَذِّنٍ وَاحِدٍ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ لِصِحَّةِ اسْتِهَامِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، وَلِأَنَّ الِاسْتِهَامَ عَلَى الْأَذَانِ مُتَوَجِّهٌ مِنْ جِهَةِ التَّوْلِيَةِ مِنْ قِبَلِ الْإِمَامِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَزِيَّةِ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِهَامِ هُنَا التَّرَامِي بِالسِّهَامِ وَأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْمُبَالِغَةِ وَاسْتَأْنَسَ بِحَدِيثِ: " «لَتَجَالَدُوا عَلَيْهِ بِالسُّيُوفِ» " لَكِنَّ فَهْمَ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْمُرَادَ اقْتَرَعُوا أَوْلَى لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ لَكَانَتْ قُرْعَةً.
وَقَدْ رَوَى سَيْفُ بْنُ عُمَرَ فِي كِتَابِ الْفُتُوحِ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُبْرُمَةَ عَنْ شَقِيقٍ وَهُوَ أَبُو وَائِلٍ قَالَ: افْتَتَحْنَا الْقَادِسِيَّةَ صَدْرَ النَّهَارِ فَتَرَاجَعْنَا وَقَدْ أُصِيبَ الْمُؤَذِّنُ فَتَشَاحَّ النَّاسُ فِي الْأَذَانِ بِالْقَادِسِيَّةِ فَاخْتَصَمُوا إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَخَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ فَأَذَّنَ، وَالْقَادِسِيَّةُ مَكَانٌ مَعْرُوفٌ بِالْعِرَاقِ نُسِبَ إِلَى قَادِسٍ رَجُلٌ نَزَلَ بِهِ.
وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ قَدَّسَ عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَلِذَا صَارَ مَنْزِلًا لِلْحَاجِّ وَكَانَ بِهَا وَقْعَةٌ مَشْهُورَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ مَعَ الْفُرْسِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَكَانَ سَعْدٌ يَوْمَئِذٍ الْأَمِيرَ عَلَى النَّاسِ.
(وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ) أَيِ التَّبْكِيرِ إِلَى الصَّلَوَاتِ أَيَّ صَلَاةٍ كَانَتْ قَالَهُ الْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: التَّهْجِيرُ مَعْرُوفٌ وَهُوَ الْبِدَارُ إِلَى الصَّلَاةِ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَقَبْلَهُ
1 / 266