Comentario de Al-Zurqani sobre Muwatta del Imam Malik
شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك
Editor
طه عبد الرءوف سعد
Editorial
مكتبة الثقافة الدينية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1424 AH
Ubicación del editor
القاهرة
Géneros
Ciencia del Hadiz
الْحِكْمَةِ فِي مَجِيءِ الْأَذَانِ عَلَى لِسَانِ الصَّحَابِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سَمِعَهُ فَوْقَ سَبْعِ سَمَوَاتٍ وَهُوَ أَقْوَى مِنَ الْوَحْيِ، فَلَمَّا تَأَخَّرَ الْأَمْرُ بِالْأَذَانِ عَنْ فَرْضِ الصَّلَاةِ وَأَرَادَ إِعْلَامَهُمْ بِالْوَقْتِ رَأَى الصَّحَابِيُّ الْمَنَامَ فَقَصَّهُ فَوَافَقَ مَا كَانَ ﷺ سَمِعَهُ فَقَالَ: " «إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٍّ» "، وَعَلِمَ حِينَئِذٍ أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ بِمَا أَرَاهُ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَكُونَ سُنَّةً فِي الْأَرْضِ، وَتَقَوَّى ذَلِكَ بِمُوَافَقَةِ عُمَرَ لِأَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطَبِقُ عَلَى لِسَانِهِ، وَالْحِكْمَةُ أَيْضًا فِي إِعْلَامِ النَّاسِ بِهِ عَلَى غَيْرِ لِسَانِهِ ﷺ التَّنْوِيهُ بِقَدْرِهِ وَالرَّفْعُ لِذِكْرِهِ بِلِسَانِ غَيْرِهِ لِيَكُونَ أَقْوَى لِأَمْرِهِ وَأَفْخَرَ لِشَأْنِهِ، انْتَهَى مُلَخَّصًا.
وَالثَّانِي: حَسَنٌ بَدِيعٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ حَتَّى أُضِيفَ إِلَيْهِ عُمَرُ لِلتَّقْوِيَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى عُمَرَ لِيَصِيرَ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ، وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ مَا ظَاهِرُهُ: أَنَّ بِلَالًا رَأَى أَيْضًا لَكِنَّهَا مُؤَوَّلَةٌ فَإِنَّ لَفْظَهَا سَبَقَكَ بِهَا بِلَالٌ فَيُحْمَلُ عَلَى مُبَاشَرَةِ التَّأْذِينِ بِرُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَمِمَّا يَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْهُ هَلْ بَاشَرَ النَّبِيُّ ﷺ الْأَذَانَ بِنَفْسِهِ؟ وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ الثَّقَفِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَذَّنَ فِي سَفَرٍ وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ وَهُمْ عَلَى رَوَاحِلِهِمُ السَّمَاءُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَالْبِلَّةُ مِنْ أَسْفَلِهِمْ»، قَالَ السُّهَيْلِيُّ: فَنَزَعَ بَعْضُ النَّاسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ ﷺ أَذَّنَ بِنَفْسِهِ، لَكِنْ رَوَى الْحَدِيثَ الدَّارَقُطْنِيُّ بِسَنَدِ التِّرْمِذِيِّ وَمَتْنِهِ وَقَالَ فِيهِ: فَأَمَرَ بِالْأَذَانِ فَقَامَ الْمُؤَذِّنُ فَأَذَّنَ، وَالْمُفَصَّلُ يَقْضِي عَلَى الْمُجْمَلِ الْمُحْتَمَلِ، انْتَهَى.
وَتَبِعَ هَذَا الْبَعْضَ النَّوَوِيُّ فَجَزَمَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَذَّنَ مَرَّةً فِي سَفَرِهِ وَعَزَاهُ لِلتِّرْمِذِيِّ وَقَوَّاهُ وَتَعَقَّبَهُ الْحَافِظُ فَقَالَ: وَلَكِنْ وَجَدْنَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ: فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، فَعَرَفَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ اخْتِصَارًا، وَأَنَّ مَعْنَى " أَذَّنَ " أَمَرَ بِلَالًا بِهِ، كَمَا يُقَالُ: أَعْطَى الْخَلِيفَةُ الْعَالِمَ الْفُلَانِيَّ أَلْفًا وَإِنَّمَا بَاشَرَ الْعَطَاءَ غَيْرُهُ وَنُسِبَ لِلْخَلِيفَةِ لِكَوْنِهِ أَمَرَ بِهِ، انْتَهَى.
وَانْتَصَرَ بَعْضٌ لِلنَّوَوِيِّ تَبَعًا لِلْبَعْضِ بِأَنَّ هَذَا إِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهِ لَوْ لَمْ يَحْتَمِلْ تَعَدُّدَ الْوَاقِعَةِ، أَمَّا إِذَا أَمْكَنَ فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ إِبْقَاءً لِأَذَّنَ عَلَى حَقِيقَتِهِ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ الْأُصُولِ أَنَّهُ يَجِبُ إِبْقَاءَ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا اخْتَلَفَ سَنَدُ الْحَدِيثِ، وَمَخْرَجُهُ أَمَّا مَعَ الِاتِّحَادِ فَلَا، وَيَجِبُ رُجُوعُ الْمُجْمَلِ إِلَى الْمُفَصَّلِ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ الْأُصُولِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ: لَوْ لَمْ نَكْتُبِ الْحَدِيثَ مِنْ سِتِّينَ وَجْهًا مَا عَقَلْنَاهُ لِاخْتِلَافِ الرُّوَاةِ فِي أَلْفَاظِهِ وَنَحْوِهَا، نَعَمْ قَالَ السُّيُوطِيُّ: فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: قَدْ ظَفِرْتُ بِحَدِيثٍ آخَرَ مُرْسَلًا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: «أَذَّنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَرَّةً فَقَالَ: " حَيَّ عَلَى الْفَلَّاحِ» "، قَالَ: وَهَذِهِ رِوَايَةٌ لَا تَقْبَلُ التَّأْوِيلَ، انْتَهَى.
فَهَذَا الَّذِي يَجْزِمُ فِيهِ بِالتَّعَدُّدِ لِاخْتِلَافِ سَنَدِهِ، وَانْظُرْ مَا أَحْسَنَ قَوْلَهُ آخَرَ لَكِنْ لَمْ يُبَيِّنْ هَلْ كَانَ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ؟
1 / 263