115

Comentario de Al-Zurqani sobre Muwatta del Imam Malik

شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك

Investigador

طه عبد الرءوف سعد

Editorial

مكتبة الثقافة الدينية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1424 AH

Ubicación del editor

القاهرة

وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَقَوْلُ الشِّهَابِ الْقَرَافِيِّ صَحَّتِ الْأَحَادِيثُ بِالتَّتْرِيبِ، فَالْعَجَبُ مِنْهُمْ كَيْفَ لَمْ يَقُولُوا بِهَا مَدْفُوعٌ بِأَنَّهَا شَاذَّةٌ وَإِنْ صَحَّتْ كَمَا أَفَادَهُ الْحَافِظُ بِمَا قَدَّمْتُهُ عَنْهُ وَقَالَ بَعْدَهُ بِكَثِيرٍ: لَوْ سَلَكْنَا التَّرْجِيحَ فِي هَذَا الْبَابِ لَمْ نَقُلْ بِالتَّتْرِيبِ أَصْلًا لِأَنَّ رِوَايَةَ مَالِكٍ بِدُونِهِ أَرْجَحُ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ أَثْبَتَهُ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ.
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا وَاعْمَلُوا وَخَيْرُ أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةُ وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ
ــ
٦٧ - ٦٦ - (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ) جَاءَ هَذَا صَحِيحًا مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيِّ إِلَّا أَنَّ فِيهِ: «وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةَ» .
وَمِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِهِمَا وَالْبَيْهَقِيُّ إِلَّا أَنَّ فِيهِ: «وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ»، وَسَائِرُهُ بِلَفْظِ الْمُوَطَّأِ («أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: اسْتَقِيمُوا») أَيْ لَا تَزِيغُوا وَتَمِيلُوا عَمَّا سُنَّ لَكُمْ وَفُرِضَ عَلَيْكُمْ وَلَيْتَكُمْ تُطِيقُونَ ذَلِكَ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَيِ الْزَمُوا الْمَنْهَجَ الْمُسْتَقِيمَ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى إِيفَاءِ حُقُوقِ الْحَقِّ ﷻ وَرِعَايَةِ حُدُودِهِ وَالرِّضَا بِالْقَضَاءِ.
(وَلَنْ تُحْصُوا) ثَوَابَ الِاسْتِقَامَةِ إِنِ اسْتَقَمْتُمْ. قَالَهُ مُطَرِّفٌ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [النحل: ١٨] (سُورَةُ النَّحْلِ: الْآيَةُ ١٨) وَلَنْ تُطِيقُوا أَنْ تَسْتَقِيمُوا حَقَّ الِاسْتِقَامَةِ لِعُسْرِهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِقَوْلِهِ: وَلَيْتَكُمْ تُطِيقُونَ أَوْ لَنْ تُطِيقُوهَا بِقُوَّتِكُمْ وَحَوْلِكُمْ وَإِنْ بَذَلْتُمْ جُهْدَكُمْ بَلْ بِاللَّهِ، أَوِ اسْتَقِيمُوا عَلَى الطَّرِيقِ الْحُسْنَى وَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا فَإِنَّكُمْ لَنْ تُطِيقُوا الْإِحَاطَةَ فِي الْأَعْمَالِ وَلَا بُدَّ لِلْمَخْلُوقِ مِنْ تَقْصِيرٍ وَمَلَالٍ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْبَاجِيِّ أَيْ لَا يُمْكِنُكُمُ اسْتِيعَابَ أَعْمَالِ الْبِرِّ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ [المزمل: ٢٠] (سُورَةُ الْمُزَّمِّلِ: الْآيَةُ ٢٠) اهـ.
وَكَأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ تَنْبِيهُ الْمُكَلَّفِ عَلَى رُؤْيَةِ التَّقْصِيرِ وَتَحْرِيضُهُ عَلَى الْجَدِّ لِئَلَّا يَتَّكِلَ عَلَى عَمَلِهِ، وَلِذَا قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: أَخْبَرَهُمْ بَعْدَ الْأَمْرِ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى إِيفَاءِ حَقِّهِ وَالْبُلُوغِ إِلَى غَايَتِهِ لِئَلَّا يَغْفُلُوا عَنْهُ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: لَا تَتَّكِلُوا عَلَى مَا تَأْتُونَ بِهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَحْمَةِ رَبِّكُمْ فِيمَا تَذَرُوَنَ عَجْزًا وَقُصُورًا لَا تَقْصِيرًا.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ: (وَلَنْ تُحْصُوا) إِخْبَارٌ وَاعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ كَمَا اعْتَرَضَ وَلَنْ تَفْعَلُوا بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا﴾ [البقرة: ٢٤] (سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ ٢٤) كَأَنَّهُ ﷺ لَمَّا أَمَرَهُمْ بالِاسْتِقَامَةِ وَهِيَ شَاقَّةٌ جِدًّا تَدَارَكَهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَنْ تُحْصُوا) رَحْمَةً وَرَأْفَةً مِنْهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمَرْحُومَةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦] (سُورَةُ التَّغَابُنِ: الْآيَةُ ١٦) بَعْدَمَا أَنْزَلَ: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ [آل عمران: ١٠٢] (سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الْآيَةُ ١٠٢) أَيْ وَاجِبُ تَقْوَاهُ.

1 / 165