180

شرح باب توحيد الألوهية من فتاوى ابن تيمية

شرح باب توحيد الألوهية من فتاوى ابن تيمية

Géneros

زيادة الإيمان بالطاعات ووجه كون الدنيا نعمة أم لا
قال رحمه الله تعالى: [وكلما ازداد العبد عملًا للخير ازداد إيمانه، هذا هو الإنعام الحقيقي المذكور في قوله: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة:٧]، وفي قوله: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ [النساء:٦٩]، بل نعم الدنيا بدون الدين هل هي من نعمه أم لا؟ فيه قولان مشهوران للعلماء من أصحابنا وغيرهم].
كما هو معلوم أن كل شيء من نعم الله ﷿، لكن يقصد الشيخ بسؤاله: هل هي نعمة أم نقمة؟ أي: هل هذه الدنيا من النعم التي امتن الله بها على عباده، أم هي نقمة؟ الدنيا ظاهرها نعمة، يعني: شهوات الدنيا ورغباتها وأولادها وغير ذلك من مكاسب الدنيا ظاهرها أنها نعمة، لكن قد تكون نقمة في المآل.
ولذلك سيذكر الشيخ المذهب الحق بعد قليل.
قال رحمه الله تعالى: [والتحقيق أنها نعمة من وجه وإن لم تكن نعمة تامة من وجه].
قوله: (أنها نعمة من وجه) يعني: أن هذه الخيرات التي تفضل الله بها على العباد هي في حد ذاتها نعمة، لكنها قد تكون نقمة إذا استعملت في غير ما يرضي الله ﷿، كأن تلهي الإنسان عن ذكر الله، أو تلهيه عن واجباته الأساسية.
إذًا: هي في أصلها نعمة إن استخدمت فيما يرضي الله ﷿، فتبقى نعمة للعبد في الدنيا والآخرة، وإذا استخدمت على غير ما يرضي الله ﷿، أي: على غير وجه شرعي، صارت نقمة على العبد في مآلها لا في أصلها؛ لأن جميع أمور الدنيا هي بصدورها عن الله ﷿ من نعم الله ﷿، ولذلك امتن الله على العباد حتى بخلق السماوات والأرض، لكن الكلام هنا هو عن المآل، أعني: مآل هذه الخيرات في الدنيا، هل هي نعمة لهذا الإنسان أم نقمة عليه في المآل؟

16 / 3