هل الأمر يقتضي الفورية؟
قوله: [ولا يقتضي الفور] أي: أن الأمر أيضًا لا يقتضي الفورية، وهذا محل خلاف أيضًا بين الأصوليين، وقد ذهبت طائفة منهم إلى أن الأمر يقتضي الفور إذا تجرد عن القرائن، فإذا قال: افعل كذا، فلابد من المبادرة والمسارعة، وقالت طائفة أخرى: لا يقتضي الفور، بل يبقى مطالبًا به، فمتى ما أداه حصل المقصود، والمقصود بالفور: المبادرة لأدائه، فالله تعالى يقول: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران:٩٧]، والنبي ﷺ قال: (إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا) هل هذه الصيغة تدل على الفور أو على التراخي؟ محل خلاف بين الأصوليين، فقالت طائفة: كل من استطاع سبيلًا إلى الحج وأدرك وقته فيلزمه أن يبادر إليه، إذا لم يكن قد حج من قبل، وقال آخرون: بل يجب عليه ذلك في العمر مرة، ومتى ما أداه فإن ذلك يجزئ.