شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - عبد الكريم الخضير
شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - عبد الكريم الخضير
Géneros
ومنهم من قال: العمل ما يحتاج إلى علاج ومشقة، والفعل أعم من ذلك، ومنهم من قال: العمل ما يحصل منه تأثير في المعمول، كعمل الطين آجرًا، والفعل أهم من ذلك، كل هذا من كلام الحفاظ ابن رجب ﵀-وما يليه أيضًا، ومنهم من قال: العمل أشرف من الفعل، فلا يطلق العمل إلا على ما فيه شرفٌ ورفعة بخلاف الفعل، فإن مقلوب عمل لمع، ومعناه ظهر وأشرف، وهذا فيه نظر -يقول الحافظ ابن رجب ﵀ وهذا فيه نظر، لماذا؟ يقول: فإن عمل السيئات يسمى أعمالًا، كما قال تعالى: ﴿مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ [(١٢٣) سورة النساء] وقال: ﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا﴾ [(٤٠) سورة غافر]، ولو قيل عكس هذا لكان متوجهًا، فإن الله تعالى إنما يضيف إلى نفسه الفعل كقوله تعالى: ﴿وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ﴾ [(٤٥) سورة إبراهيم]، ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ﴾ [(٦) سورة الفجر]، ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾ [(١) سورة الفيل] ﴿إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء﴾ [(١٨) سورة الحج]، وإنما أضاف العمل إلى يديه كما قال: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا﴾ [(٧١) سورة يس]، وليس المراد هنا الصفة الذاتية بغير إشكال، وإلا استوى خلق الأنعام وخلق آدم ﵇، واشتق سبحانه لنفسه أسماء من الفعل دون العمل، قال تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ﴾ [(١٠٧) سورة هود].
ثم قال ابن رجب ﵀ في موضع آخر من شرحه للبخاري: "إن العمل يتناول القول، ويعتبر له النية"، وصرح أبو عبيد القاسم بن سلام -النسخة المطبوعة من شرح ابن رجب- فيها خرج وصوابها صرح صرح أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الطلاق له بدخول القول في العمل، وأن الأقوال تدخل في قوله ﷺ: «الأعمال بالنيات» وأبو عبيد محله من معرفة لغة العرب المحل الذي لا يجهله عالم"، هذا كلام ابن رجب -رحمة الله عليه-.
2 / 15