215

Sharh al-Tadmuriyyah - Nasser al-Aql

شرح التدمرية - ناصر العقل

Géneros

بيان معنى الأحاديث التي أتت بربط أفعال الله بأفعال العباد
السؤال
ما ذكرته حول حديث: (من أتاني يمشي أتيته هرولة) نريد مزيد بيان وتوضيح، وهل هناك قاعدة تضبط بها مثل هذه النصوص؟
الجواب
الأحاديث التي جاءت بربط أفعال الله بأفعال العباد، سواء على سبيل المجازاة أو المشاكلة أو نحو ذلك، تعتبر مفسّرة بنصها، ولا يجوز في غالبها أن نثبت منها صفات؛ لأنها قد جاءت على وجه فُسِّر بها النص، وضربت في هذا بمثال الهرولة والملل، قال ﵊: (فإن الله لا يمل حتى تملوا) فليس المقصود بالملل عند الله الملل الذي عند البشر، فالملل عند البشر صفة نقص، لكن الملل هنا جاء على سبيل المجازاة، وهذه القاعدة لا تُحكم بها الصفات الغيبية البحتة الأخرى؛ لأنها تخرجها عن الحقائق، بينما هذه التي وردت في سياق المجازاة حقيقتها يفهمها كل عاقل، حتى العامي يفهم أن قوله ﷿: (من أتاني يمشي أتيته هرولة) أنها حث على الطاعة، وليست متعلقة بإثبات الصفة، وإنما متعلقة بإثبات الجزاء؛ لأنها ربطت بالمخلوق، وكذلك ما يتعلق بنسبة بعض الأشياء إلى الله، كنسبة البيت إلى الله ﷿، ونسبة الناقة، فلا يعني أن نقول: نصف الله ﷿ بهذه الصفات؛ لأنها جاءت على سبيل التكريم والتشريف، وفسّرناه بهذا التفسير لأنها رُبطت بعالم الشهادة، فبيت الله إذا كان المقصود به الكعبة عرفنا ما معنى كونه بيت الله، وكذلك الناقة أيضًا، فقد قيل لها ناقة الله؛ لأن الله ﷿ جعلها محل امتحان واختبار لأولئك القوم، وأعطاها مميزات وخصائص، فكرّمها وميّزها، فجاء الاختصاص على سبيل التشريف والتكريم.

20 / 10