============================================================
المرصد الرابع - في إثبات العلوم الضرورية (قادر) على التعبير عنه (ثم إذا تأملنا) في (هذه القضايا) التي ذكرناها (لم نجدها مما يجوز الجزم بها فكان الاحتمال) أي احتمال الخطا (قائما في الكل) أي في كل هذه القضايا (باتفاق العقلاء أما عند المتكلمين فلاستناد الكل) أي كل الأشياء (عندهم إلى القادر المختار، فلعله أوجب) أى أثبت وأوجد باختياره (شيئا من ذلك) أي مما ذكر من الشيخ المتولد دفعة، ونظائره من الأمور المستبعدة التي لم تجربها عادته (للإمكان) فإن هذه الأمور المستبعدة جدا ممكنة في حد ذواتها قطعا (وعموم القدرة لجميع الممكنات مستقربة كانت أو مستبعدة (واما عند الحكماء فلاستناد الحوادث الأرضية) عندهم (إلى الأوضاع الفلكية) الحادثة من حركاتها (فلعله حدث شكل) اي وضع (غريب فلكي لم يقع) فيما مضى من الزمان (مثله أو وقع لكنه لا يتكرر) ذلك الشكل بتعاقب الأمثال (إلا في ألوف من السنين) كثيرة جدا بحيث (لا تفي بضبطها التواريخ فاقتضى) ذلك الشكل الغريب (ذلك الأمر العجيب وايضا) إنما فصل هذه القضايا السابقة لأن المتكلم قائل بوقوع ما هو قادح فيها أعني تيديل صورة الملك (فأنا أجزم بان ابني هذا ليس جبريل وكذا الذبابة) التي نراها ليست جبريل (وأنتم) يا أهل الملة (تجوزونه) أي تجوزون ما ذكر من كون ابني أو الذبابة جبريل (إذ نقلتم أنه كان يظهر) جبريل تارة (في صورة دحية الكلبي) وكان قوله: (لم نجدها مما يجوز الجزم بها) فضلا عن أن يجزم.
قوله: (فكان الاحتمال) لا حاجة إلى هذه المقدمة.
قوله: (باتفاق العقلاء) متعلق لم تجدها.
قوله: (أما عند المحكلمين فلاستناد الكل عندهم إلى القادر المحتار) قيل: عليه التمسك بالاستناد إلى القادر المختار غير صحيح، لان المتكلمين قائلون: بأن عادة الله في خلق الإنسان ذلك التدريج، وقد قال : عز من قائل ولن تجد لسنة الله تبديلا [الأحزاب: 62]، وأجيب بان هذا دليل نقلي قطعي الثبوت لكنه ظني الدلالة، فلا يفيد القطع بالتدريج في الخلق لأن يمكن الإضمار بأن يقال: التقدير ولن تجد لسنة الله تبديلا إلا إذا أراد تبديله بخرق عادته.
قوله: (فاقتضى ذلك الشكل الغريب ذلك الأمر العجيب) اي بواسطة استعداد مخصوص دث في المادة بسبيه.
قوله: (بان ابتى هذا ليس جبريل) قيل: المناسب أن يسقط لفظ هذا، ويقال : أنا أجزم بأن ابني اي من حكم بكونه ابني، ووصف ببنوتي وولدى وهو على صورته وصفته الآن ليس بجبريل، حتى لا تكون القضية من الحسيات، إذ هم قائلون: بالحسيات وكون القضية منها يقتضي القدح فيها ايضا.
Página 179