Sharh al-Jami' al-Sahih
شرح الجامع الصحيح
Géneros
في الإيمان والإسلام والشرائع قوله: «في الإيمان والإسلام والشرائع» جمع شريعة وهي ما شرعه الله من الهدى لعباده، وهي والملة بمعنى واحد، وكذلك الدين والإسلام، وإن اختلفت في المفهوم فإن معناها واحد، {إن الدين عند الله الاسلام}[آل عمران:19]،{شرع لكم من الدين...} الآية [الشورى:13]، واختلفوا في الإيمان والإسلام هل هما شيء واحد أم شيئان، ومذهب الأصحاب رحمهم الله تعالى أنهما شيء واحد عرفا اصطلاحيا، فمن استحق وصف الإسلام استحق الوصف بالإيمان، وكذا العكس، فلا يسمى عندهم صاحب الكبيرة مؤمنا ولا مسلما، لكنه يسمى كافر نعمة وفاسقا وصاحب قبلة وموحدا، لأن التوحيد عندهم أخص من الإيمان والإسلام فيقابله الشرك، ويقابلهما الكفر وهي أسماء ترتبت عليها أحكام شرعية، فبملاحظة ترتبها يستبشعون اصطلاح قومنا في التفريق بينهما، لأن القوم يدعون خروج أهل الكبائر من النار، ويثبتون لهم الشفاعة بزعمهم أنهم مؤمنون، فلو أنهم<1/93>لم يرتبوا مثل هذه الأحكام على هذه الأسماء لسهل الخطب، ورجع الخلاف إلى اللفظ، ونحن نسلم أن الشارع عليه السلام فرق بينهما في حديث جبريل عليه السلام، وفي قوله عز من قائل: {قل لم تومنوا ولكن قولوا أسلمنا}[الحجرات:14] ولكنا نقول إنه كما فرق بينهما في مثل هذه المواضع فقد سوى بينهما في مواضع أخر، قال تعالى: { فأخرجنا من كان فيها من المومنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين}[ الذاريات:35-36] ولم يكن فيها بالاتفاق إلا بيت واحد وهو بيت لوط عليه السلام وبناته، وقال تعالى: { إن كنتم ءامنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين}[ يونس: 84 ]قال صلى الله عليه وسلم:" بني الإسلام على خمس"، وسئل مرة أخرى عن الإيمان فأجاب بهذه الخمس وقد أطلق صلى الله عليه وسلم الإيمان على الأعمال في حديث شعب الإيمان فاحتجنا حينئذ إلى الجمع بين هذه الأدلة، ومن المعلوم أنهما في أصل اللغة مختلفان لاختلاف محالهما، فمحل الإيمان القلب، ومحل الإسلام سائر الجوارح فنقول: إن ما دل على الفرق وارد على مقتضى اللغة في أصل العربية، وأن ما دل على الاتحاد والترادف فهو عرف جاء به الشرع، فوضعه على هذا المعنى كما وضع اسم الصلاة والزكاة والصوم ونحوها لعبادات ما كانت العرب تعرفها.
Página 106