Sharh al-Jami' al-Sahih
شرح الجامع الصحيح
Géneros
قوله: «من ضاعف ضاعف الله له»: يعني من زاد على الفرض فضيلة، زاده الله ثوابا فوق ثواب الفرض جزاء بما كنتم تعملون؛ فالمضاعفة في العمل تستوجب المضاعفة في الأجر ، {ولكل درجات مما عملوا} [الأنعام: 132].
قوله: «ثلاثا ثلاثا»: أي لكل عضو وظاهره يقتضي التسوية بين المغسول والممسوح، وأن المسنون التثليت في الكل، وهو مذهب أصحابنا المشارقة رضي الله عنهم، وبه قال الشافعي، ونقل عن أنس وعطاء إبراهيم التيمي وغيرهم. وقال أصحابنا المغاربة وكثير من قومنا أن المسح لا يكرر بل يقتصر فيه عن المرة الواحدة؛ لأنه مبني على التخفيف، فلا يساوي الغسل لأن المراد منه المبالغة في الإسباغ، وأن العدد لو اعتبر في المسح لصار في صورة الغسل، إذ حقيقة الغسل جريان الماء، والعرك ليس بمشترط على الصحيح عند أكثر العلماء. قالوا: ووضوءه صلى الله عليه وسلم ثلاثا ثلاثا مجمل بينته روايات أخر صحيحة، تدل على أن المسح لم يتكرر فيحمل التثليت على الغالب من الأعضاء، وهو المغسول. قال أبو داود في السنن: أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس مرة واحدة، وكذا قال ابن المنذر أن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم في المسح مرة واحدة. واعترض بأن أبا داود قد روى أيضا من وجهين صحيحين، أحدهما: عن ابن خزيمة وغيره، في حديث عثمان: تثليت مسح الرأس، والزيادة من الثقة مقبولة.
قوله: «هذا وضوئي»: أي الذي استعمله ولا أعدل إلى ما دونه لأنه صلى الله عليه وسلم لا يختار من الأمور إلا أعلاها، وهل يليق بالكامل إلا الكمال؛ أما الجواز بما دون ذلك؛ فقد بينه بقوله: «هذا وضوء لا تقبل الصلاة إلا به... ومن ضاعف ضاعف الله له»، ولا يدل قوله هذا وضوئي على وجوب التثليت عليه.
Página 170