Sharh al-Jami' al-Sahih
شرح الجامع الصحيح
Géneros
قوله: «من قال لأخيه»: يعني المسلم لقوله تعالى: {فإخوانكم في الدين} [الأحزاب:5]، والناس يومئذ صنفان: مسلم وكافر وثالث أظهر الإسلام وأخفى الشرك وهو المنافق، تستر بالإسلام فهو في حكم المسلمين في الحياة الدنيا، ولله السرائر، فمن قال لأخيه الذي على دينه يا كافر فقد رماه بكبيرة <1/114> تقتضي الخروج عن الاستقامة، إما إلى الشرك، وإما إلى الفسق، وكلاهما لا يصح أن ينسب لمسلم، والكفر كفران: أحدهما كفر شرك، والآخر كفر نعمة، فإن حملنا الحديث على كفر النعمة كان وجهه ظاهرا، لأن رمي المسلم بالكفر كبيرة وهي كفر نعمة و،"سباب المؤمن فسوق"، ولهذا قال الربيع رحمه الله تعالى: استحق اسم الكفر لقوله يا كافر، وإن حملناه على معنى الشرك كان مشكلا جدا، ولما كان الكفر في اصطلاح القوم خاصا بالشرك أشكل عليهم معنى الحديث، فعده بعضهم من المشكلات من حيث إن ظاهره عندهم غير مراد، وذلك لأن المسلم لا يكفر عندهم بنحو القتل والزنا، وكذا قوله لأخيه كافر من غير اعتقاد بطلان دين الإسلام، وتأوله آخرون، فحمله بعضهم على المستحل لذلك، وبعضهم قال معناه: رجعت عليه نقيصته لأخيه ومعصيته بتكفيره، وحمله بعضهم على الخوارح المكفرين للمؤمنين، وهم الأزارقة والصفرية، وهذا الوجه نقله القاضي عياض عن مالك بن أنس وضعفه النووي في شرح مسلم بأن المذهب الصحيح أن الخوارج لا يكفرون، كسائر أهل البدع، وقال بعضهم: معنى الحديث أن ذلك يؤول به إلى الكفر، وذلك أن المعاصي بريد الكفر، ويخاف على المكثر منها سوء العاقبة، وقال بعضهم: معناه فقد رجع عليه تكفيره فليس الراجع حقيقة الكفر، بل التكفير، لكونه جعل أخاه المؤمن كافرا، وهما شركاء في الإيمان، فكأنه كفر نفسه.
Página 132