شرح الاقتصاد في الاعتقاد - الراجحي
شرح الاقتصاد في الاعتقاد - الراجحي
Géneros
تابع بيان اتفاق الأمة على الإيمان بالله وحده
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فآمنوا بما قال الله سبحانه في كتابه، وصح عن نبيه، وأمرّوه كما ورد من غير تعرض لكيفية، أو اعتقاد شبهة أو مثلية، أو تأويل يؤدي إلى التعطيل، ووسعتهم السنة المحمدية والطريقة المرضية، ولم يتعدوها إلى البدعة المرزية الردية، فحازوا بذلك الرتبة السنية، والمنزلة العلية].
قول المؤلف: (فآمنوا)، يشير إلى صالح السلف وخيار الخلف، وسادة الأئمة وعلماء الأمة فهو يقول: إن صالح السلف وخيار الخلف، وسادة الأئمة وعلماء الأمة اتفقت أقوالهم، وتطابقت آراؤهم على الإيمان بالله ﷿، ثم قال: فآمنوا، فالضمبر يعود إليهم.
(فآمنوا بما قال الله سبحانه في كتابه وصح عن نبيه)، يعني: آمنوا بما جاء في كتابه العزيز، وبما صح في السنة المطهرة، (وأمروه كما ورد)، يعني: في النصوص، والمراد: نصوص الصفات أمروها كما وردت، من غير تعرض للكيفية، وإلا فالأحكام فهم يعلمونها ويفسرونها ويئولونها على تأويلها الذي دلت عليه النصوص.
(من غير تعرض لكيفية)، فالاستواء والنزول، والعلم والقدرة، والسمع والبصر يمرونها كما جاءت، فيثبتون المعنى، ولا يتعرضون للكيفية.
(أو اعتقاد شبهة أو مثلية)، يعني: لا يقولون: إن استواء الله كيفيته كذا، أو أن يشبه كذا، أو أنه مثل كذا، فلا يتعرضون للكيفية ولا التشبيه ولا المثلية.
(أو تأويل يؤدي إلى تعطيل)، كذلك لا يئولون، مثل: أن يقولوا إن استوى بمعنى: استولى؛ لأن هذا التأويل يؤدي إلى تعطيل الصفة ونفيها.
فهم لا يئولون ولا يكيفون، ولا يشبهون ولا يمثلون، ولا يحرفون، حتى لا يؤدي هذا إلى تعطيل الصفة ونفيها.
(ووسعتهم السنة المحمدية)، يعني: اكتفوا بالسنة المحمدية الذي جاء بها محمد ﷺ.
(والطريقة المرضية)، وهي: الطريقة التي رضيها الله لعباده، ورضيها الصحابة، ولم يتعدوها إلى البدعة، ولم يتجاوزا السنة إلى البدعة، والبدعة: هي كل حدث في الدين، فكل محدث في الدين هو بدعة، قال ﵊: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، متفق على صحته.
وفي لفظ لـ مسلم: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد).
(فلم يتجاوزا السنة إلى البدعة المرزية الردية)، يعني: التي تردي صاحبها، فهي ردية في نفسها وتردي صاحبها، وتوصله إلى الردى.
(فحازوا بذلك الرتبة السنية، والمنزلة العلية)، يعني: أن الصحابة والتابعون والأئمة والعلماء عندما آمنوا بما جاء عن الله وعن رسوله ﷺ، ولم يكيفوا الصفات ولم يئولوها ولم يبتدعوا ولم يتجاوزوها إلى البدعة حازوا بذلك الرتبة السنية أي: الشريفة، والمنزلة العلية أي: العالية، حيث حازوا رضا الله ﷿، وما أعد لهم وأثابهم من الثواب العظيم، ورفع درجاتهم ومنزلتهم في الجنة.
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.
ثم إن المؤلف بدأ يتكلم عن الصفات، وبدأ بصفة الاستواء، وهي من الصفات التي اشتد النزاع فيها بين أهل السنة وبين أهل البدع، وساق النصوص في هذا.
2 / 2