شرح الحموية لابن تيمية - الراجحي
شرح الحموية لابن تيمية - الراجحي
Géneros
طريقة السلف في إثبات صفة العلو، وذكر شبهات المبتدعة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ثم عن السلف في ذلك من الأقوال ما لو جمع لبلغ مئات أو ألوفًا.
ثم ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله ﷺ، ولا عن أحد من سلف الأمة -لا من الصحابة ولا من التابعين لهم بإحسان ولا عن أئمة الدين الذين أدركوا زمن الأهواء والاختلاف- حرف واحد يخالف ذلك لا نصًا ولا ظاهرًا، ولم يقل أحد منهم قط: إن الله ليس في السماء، ولا إنه ليس على العرش، ولا إنه بذاته في كل مكان، ولا إن جميع الأمكنة بالنسبة إليه سواء، ولا إنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا متصل ولا منفصل، ولا إنه لا تجوز الإشارة الحسية إليه بالأصابع ونحوها].
وكل هذه الأقوال لأهل الكلام.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [بل قد ثبت في الصحيح عن جابر بن عبد الله ﵁ (أن النبي ﷺ لما خطب خطبته العظيمة يوم عرفات، في أعظم مجمع حضره رسول الله ﷺ، جعل يقول: ألا هل بلغت؟ فيقولون: نعم، فيرفع أصبعه إلى السماء وينكتها إليهم، ويقول: اللهم فاشهد، غير مرة)، وأمثال ذلك كثير.
فإن كان الحق فيما يقوله هؤلاء السالبون النافون للصفات الثابتة في كتاب الله وسنة رسوله من هذه العبارات ونحوها، دون ما يفهم من الكتاب والسنة إما نصًا وإما ظاهرًا، فكيف يجوز على الله ثم على رسوله ﷺ، ثم على خير الأمة أنهم يتكلمون دائمًا بما هو نص أو ظاهر في خلاف الحق؟ ثم الحق الذي يجب اعتقاده لا يبوحون به قط، ولا يدلون عليه لا نصًا ولا ظاهرًا، حتى يجيء أنباط الفرس والروم، وفروخ اليهود والنصارى والفلاسفة يبينون للأمة العقيدة الصحيحة، التي يجب على كل مكلف أو كل فاضل أن يعتقدها!].
أي أنه من المستحيل وغير الممكن على الله ورسوله ثم على سلف الأمة أن يتكلموا بخلاف الحق، أو يكتمونه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [لئن كان ما يقوله هؤلاء المتكلمون المتكلفون هو الاعتقاد الواجب، وهم مع ذلك أحيلوا في معرفته على مجرد عقولهم، وأن يدفعوا بما اقتضى قياس عقولهم ما دل عليه الكتاب والسنة نصًا أو ظاهرًا، لقد كان ترك الناس بلا كتاب ولا سنة أهدى لهم وأنفع على هذا التقدير، بل كان وجود الكتاب والسنة ضررًا محضًا في أصل الدين].
إن العقيدة الصحيحة عند هؤلاء الخالفين من أهل البدع: أن ظواهر النصوص كفر، فقول الله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف:٥٤]، الذي يأخذ بظاهره ويقول: إن الله استوى على العرش في الحقيقة، فقد كفر عندهم، بل يجب أن تتأول هذه النصوص، وأنها وكلت إلى العقول، وأن الواجب تأويلها على ما يليق بالله بزعمهم، فيقولون: معنى (استوى): استولى.
فالمؤلف رحمه الله تعالى يقول: إذا كان لا يعتمد على نصوص الكتاب والسنة وأقوال السلف في بيان العقيدة الصحيحة، كان ترك الناس بلا كتاب ولا سنة أحسن، فعلى كلام هؤلاء: أن نصوص الكتاب والسنة لا تزيد الناس إلا ضلال؛ لأنها تكلفهم تأويلها! قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإن حقيقة الأمر على ما يقوله هؤلاء: إنكم يا معشر العباد لا تطلبوا معرفة الله ﷿، وما يستحقه من الصفات نفيًا وإثباتًا، لا من الكتاب ولا من السنة، ولا من طريق سلف الأمة، ولكن انظروا أنتم، فما وجدتموه مستحقًا له من الصفات، فصفوه به].
أي: بعقولكم وآرائكم الفاسدة.
ولكن العقول متضاربة، فعقل هذا يخالف هذا، وعقل هذا يخالف هذا، فلا يوجد عقل يعتمد عليه.
نسأل الله السلامة والعافية.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولكن انظروا أنتم فما وجدتموه مستحقًا له من الصفات فصفوه به، سواء كان موجودًا في الكتاب والسنة أو لم يكن، وما لم تجدوه مستحقًا له في عقولكم، فلا تصفوه به].
اهتموا بالأدب واللغة العربية، وبثوا فيها السموم، وأدخلوا فيها الإلحاد والحداثة، وهذه قلة في الأدب، وهذا حسن السقاف جهمي يدعو إلى طريقة الجهمية على طريقته، وهو موجود الآن في الشام، وله مؤلفات في الدعوة إلى الضلال والإلحاد، ويقول: إن الإمام أحمد مؤول، وإن من أثبت العلو فهو على مذهب فرعون! نعوذ بالله.
1 / 11