إجماع السلف على علو الله تعالى واستوائه على عرشه
قال: [ثم عن السلف]، وهذا إجماع أخص من الإجماع السابق؛ فبعد أن ذكر إجماع الأمم ذكر إجماع السلف -خصوصًا وهم خير القرون وخير الخلق بعد النبيين- على أن الله ﷾ عال على العرش.
قال ﵀: [ثم عن السلف في ذلك من الأقوال ما لو جمع لبلغ مئين أو ألوفًا، ثم ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله ﷺ ولا عن واحد من سلف الأمة -لا من الصحابة ولا من التابعين لهم بإحسان، ولا عن الأئمة الذين أدركوا زمن الأهواء والاختلاف- حرفٌ واحد يخالف ذلك لا نصًا ولا ظاهرًا] .
بعد أن ذكر إجماع السلف قال: إنه لم ينقل عن أحد من السلف ﵏ حرف واحد يخالف هذا، وانظر حيث قال: (ثم ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله ﷺ ولا عن واحد من سلف الأمة لا من الصحابة ولا من التابعين لهم بإحسان) أي: كل هؤلاء لم ينقل عنهم مخالف في هذا ولا في حرف واحد.
ثم قال: (ولا عن الأئمة الذين أدركوا زمن الأهواء والاختلاف حرف واحد يخالف ذلك)، فقيد ذلك بأن الأئمة أدركوا زمن الأهواء والاختلاف؛ ليجيب على شبهة عند المتكلمين حيث قالوا: إن السلف لم يتكلموا بهذا؛ لأن المسألة لم تطرأ في عصرهم وهي مستقرة عندهم فأراد أن يبين خطأهم في ذلك.
وقوله: (إن الأئمة الذين أدركوا زمن الأهواء والاختلاف لم ينقل عنهم حرف واحد يخالف ذلك) يعني: يخالف تقرير علو الله ﷿ (لا نصًا ولا ظاهرًا)، أي: لا بالنص ولا بدلالة الظاهر، فدل ذلك على أنهم ﵏ مُطبقون على الإقرار بعلو الله جل وعلا.
ثم قال: [ولم يقل أحد منهم قط: إن الله ليس في السماء، ولا أنه ليس على العرش، ولا أنه بذاته في كل مكان، ولا أن جميع الأمكنة بالنسبة إليه سواء، ولا أنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا أنه لا متصل ولا منفصل، ولا أنه لا تجوز الإشارة الحسية إليه بالأصابع ونحوها] .
4 / 6