شرح الأربعين النووية لعطية سالم
شرح الأربعين النووية لعطية سالم
Géneros
معصية الرسول ﷺ هي معصية لله تعالى
فقولنا: (وأشهد أن محمدًا رسول الله): الرسول لا بد له من رسالة، وهذه هي رسالة الله إلى خلقه، جاء بها نبينا ﷺ، وكان لزامًا علينا أن نلتزم بتلك الرسالة، فإذا عطلنا شيئًا منها كان ذلك عصيانًا لله وليس لرسول الله فقط.
ويجب أن نعلم أن المعصية لله ورسوله قسمان: معصية غلبة النفس والهوى، ومعصية التعنت والعناد، وهذه عياذًا بالله قد تخرج من الملة؛ فمن جحد شيئًا مما جاء به رسول الله، أو استحل شيئًا مما حرمه رسول الله، أو حرم شيئًا مما أحله رسول الله، وقال: إنه حرام، لا أنه امتنع منه، فإنه كافر برسالة رسول الله من عند الله، وليس صادقًا في قوله: (محمد رسول الله) .
وإننا نعلم أن كلمة (نشهد) بدل أقر أو أعترف أو أخبر بأن، والله ﷾ قد أخبر عن قوم فقال: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ [المنافقون:١]، قد قالوا: (نشهد إنك لرسول الله) فكيف يكونون كاذبين؟ لأنهم: ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [المنافقون:٢]، فهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.
ولهذا كان حديث: (من قال: لا إله إلا الله؛ دخل الجنة) معنى الحديث: أن يقولها خالصة من قلبه، وأن يلتزم بمدلولها.
وإذا كان الإسلام كله أعمالًا ظاهرة تؤيد مدلول (لا إله إلا الله محمد رسول الله) فإن العلماء يبحثون بعد ذلك: فيمن ترك ركنًا من أركان الإسلام هل يصدق عليه: أنه مسلم أم أنه نقض الشهادة بتركه الركن؟ يبحث العلماء في هذا بحثًا طويلًا، ويختلفون في الأركان الثلاثة: الصيام والزكاة والحج، والاختلاف أقل في الصلاة؛ لأن الرسول ﷺ قال في حقها: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) .
وقد بوّب الشوكاني في نيل الأوطار: باب من يرى الكفر في ترك الصلاة، وبعد ذلك جاء بالنصوص، وجاء بباب آخر هو: باب من لا يرى الكفر في ذلك، والأحاديث في هذا عديدة، يصعب علينا أن نمليها وأن نتكلم فيها، لأنها تقتضي الوقت كله.
إذًا: جبريل ﵇ سأل عن الإسلام، والرسول ﷺ أجابه بالأركان الأساسية، وهي: الشهادتان، وإقام الصلاة، وأداء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت بالشرط: إن استطعت لذلك سبيلًا.
هذا ما يتعلق بالإسلام، والله أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد.
4 / 8