شرح الأربعين النووية لعطية سالم
شرح الأربعين النووية لعطية سالم
Géneros
مشروعية الجهاد والدعوة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فيقول المؤلف رحمه الله تعالى ونفعنا بعلومه في الدارين آمين: [عن ابن عمر ﵄ أن رسول الله ﷺ قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى) رواه البخاري ومسلم] .
هذا الحديث الذي اختاره الإمام النووي ﵀ ضمن هذه الأربعين الحديث المختارة، يبين فيه ﷺ حقيقة القتال في سبيل الله مع بيان حرمة المسلم وبما يعصم الإنسان دمه وماله.
فعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي ﷺ قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا مني دماءهم وأنفسهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله) .
في هذا الحديث يبين النبي ﷺ أنه أُمر، ومن الآمر لرسول الله ﷺ؟ ليس أحد من الخلق له حق توجيه الأمر إلى رسول الله ﷺ، وإنما الآمر لرسول الله هو رب العالمين، وهناك في علم الحديث حينما يقول الصحابي: أُمرنا بكذا، قالوا: إن له حكم الرفع إلى رسول الله ﷺ؛ لأنه لا يتأتى أن يأمر صحابي صاحبيًا آخر لمساواتهم في الصحبة، فيكون الآمر للصحابي هو رسول الله ﷺ، وهنا إذا قال ﷺ بنفسه: (أمرت) فلا يكون الآمر لرسول الله إلا رب العالمين.
فبماذا أمر ﷺ؟ قال: (أمرت أن أقاتل الناس)، وإذا كان الأمر موجهًا من الله إلى رسوله ﷺ كان مقتضى ذلك الوجوب، وليس عندنا في هذا المقام صارف يصرفه عن ذلك الحكم.
وبأي شيء أقاتل؟ المقاتلة: مفاعلة، وتكون دائمًا بين طرفين، والمقاتلة هنا: أسندها ﷺ لنفسه (أن أقاتل)، وهل يقاتل وحده ﷺ، أم أن أصحابه أمروا بقتال من أُمر ﷺ بقتاله؟ هذا الأمر للنبي ﵊، وأمته داخلون معه فيه.
وقد بيّن الله ﷾ في الجملة موقف أصحابه رضي الله تعالى عنهم: فمن جانب المهاجرين يقول الله ﷾: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ [الحشر:٨] .
ثم بيّن موقف الأنصار: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ﴾ [الحشر:٩-١٠]، فهذا هو سبيل المؤمنين مع رسول الله ﷺ.
23 / 3