شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح
شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح
Géneros
وجوب صون الله ﷾ عن الظنون الكاذبة
قال ﵀: (وكل هذا الكلام الذي ذكره الله -من أنه فوق العرش وأنه معنا- حق على حقيقته لا يحتاج إلى تحريف، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة، مثل أن يظن أن ظاهر قوله (في السماء) أن السماء تقله أو تظله، وهذا باطل بإجماع أهل العلم والإيمان، فإن الله قد وسع كرسيه السماوات والأرض، وهو الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ﴾ [الروم:٢٥]) .
يقول ﵀: (وكل هذا الكلام الذي ذكره الله سبحانه -من أنه فوق العرش) وهذا علوه الخاص (وأنه معنا) - وهذا فيه إثبات معيته العامة (حق على حقيقته) أي: ثابت على حقيقته (لا يحتاج إلى تحريف) يعني: لا نحتاج إلى أن ندخل فيه متأولين بآرائنا، بل يجب إجراء ما أخبر الله به عن نفسه كما أخبر، فلا حاجة إلى التحريف الذي يسمونه تأويلًا، لكن ما الذي يحتاجه المؤمن في هذا المقام؟ الذي يحتاجه هو ما أشار إليه في قوله: (ولكن يصان عن الظنون الكاذبة)، وهذا فيه فائدتان: الفائدة الأولى: بيان سبب تحريف من حرف في هذه الصفة، وهو أنه اعتقد معنىً باطلًا فيما أخبر الله ﷾ به عن نفسه فاضطر إلى تأويله وتحريفه.
هذه فائدة.
الفائدة الثانية: أنه يجب على المؤمن أن يجري هذا الأمر في كل ما أخبر الله به عن نفسه، وهو: أن يصون قلبه وفكره عن كل ظن سوء بربه؛ لأن من ظن بالله ظن السوء أوقعه ذلك في المهاوي والمهالك؛ ولذلك مثل ﵀ بأمثلة فيما يتعلق بهذه الصفة وهي ثبوت العلو مع ثبوت المعية، فقال: (مثل أن يظن) إلى آخر ما قال.
واعلم -يا أخي الكريم- أن الظن الفاسد فيما أخبر الله به عن نفسه يترتب عليه مفسدتان عظيمتان: المفسدة الأولى: الجناية على النصوص بالتحريف، فمن فهم من كلام الله وكلام رسوله معنىً باطلًا ضرب كل طريق، وسلك كل سبيل لإبطال هذا المعنى الباطل الذي توهمه.
إذًا: المفسدة الأولى من مفاسد الظنون الكاذبة في كلام الله وكلام رسوله: الجناية على النصوص بالتحريف.
المفسدة الثانية: ظن السوء بالله ﷿ ورسوله ﷺ؛ لأنه ظن أن الله تكلم وأخبر عن نفسه بمعانٍ باطلة فاسدة، وأن الرسول ﷺ أخبر عن ربه بما لا يليق أن يخبر به مطلقًا، بل كان الواجب عليه أن يقيد ويبين، وهذا فيه ظن سوء بالله ﷿، وبرسوله ﷺ، ولو صان المؤمن قلبه وعقله وفكره عن هذه الظنون الكاذبة لسلم.
15 / 5