شرح الآجرومية - محمد حسن عبد الغفار
شرح الآجرومية - محمد حسن عبد الغفار
Géneros
أهمية التمسك بالقرآن وفهم معانيه
القرآن الكريم هو دستور هذه الحياة، والقرآن الكريم هو شرف هذه الأمة، ولا تعتز الأمة إلا بالتمسك بهذا الكتاب العظيم، الذي هو كلام الله جل في علاه.
إن الله جل في علاه أناط الشرف والقيادة والسيادة والريادة لهذه الأمة بهذا الكتاب، حيث قال جل في علاه: ﴿لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ﴾ [الأنبياء:١٠] أي: إن شرفكم وعلوكم وسيادتكم وقيادتكم وريادتكم لا تكون إلا بالكتاب.
ووافقت هذه الآية قول النبي ﷺ: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي) ألا وهو كتاب الله وسنة النبي ﷺ.
والسنة لا يمكن أن تفترق عن الكتاب، فكتاب الله هو عز هذه الأمة، والتمسك بكتاب الله شرف هذه الأمة، والقيادة والسيادة والريادة لا تكون إلا بهذا الكتاب، ولذلك قال عمر بن الخطاب عندما أرسل باعثه إلى مكة وجاء له بالوالي فقال له: من تركت أو من خلفت في مكة؟ قال: فلانًا من الموالي، قال: أتركته يتسيد عليهم؟ قال: إنه يحفظ كتاب الله ويعلم الفرائض، فقال له عمر: قال رسول الله ﷺ: (إن الله يرفع بهذا القرآن أقوامًا ويخفض به آخرين).
فالناس يرتفعون لفهمهم كلام الله جل في علاه ومراد الله في كتابه، وهذا لا يكون إلا باللغة العربية، ولذلك فإن عمر بن الخطاب كان يضرب بالدرة على ذلك، ويقول: تعلموا العربية فإنها لغة القرآن.
ونحن أعاجم لسنا بعرب، فكثير من كلمات المصنفين لا نستطيع أن نعرف معانيها إلا بالرجوع إلى المعاجم اللغوية، فاللغة العربية لها أهمية قصوى؛ لأنها من علوم الآلة التي بها استقامة اللسان، واستقامة اللسان ممدحة في الشرع، وكذلك العقل عن الله جل في علاه وفهم كلام رسول الله ﷺ.
واللغة العربية فيها التقديم والتأخير، فيتقدم المفعول على الفاعل والخبر على المبتدأ، وهذا يجعلك تتوسع في فهم كلام الله جل في علاه، فعندما يقرأ القارئ قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر:٢٨] فإن لم يعرف المفعول من الفاعل ولم يعرف سهولة هذه اللغة التي فيها التقديم والتأخير، وأن هذا التقديم فيه أسلوب الحصر، فإنه لا يعرف مراد الله جل في علاه، فيتعجب العامي من سماع هذه الآية ويقول: إن الله يخشى منهم؟ فهذا من الفحش؛ لأنه أخطأ ولم يتعلم العربية، فلو علم أن المفعول يتقدم على الفاعل علم معنى الآية، فـ (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، والعلماء: فاعل، فهم الذين يخشون الله جل في علاه.
ومن ذلك قول الله تعالى: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا﴾ [الحج:٣٧].
فالتقديم والتأخير عندما يعرفه المسلم فإنه يفهم ويعقل عن رسول الله ﷺ مراده، ولذلك كان من الأهمية تعلم اللغة العربية، وكانت العرب قبل الإسلام أصحاب سليقة وفصاحة وبلاغة وشعر، فكان لهم علو كعب في اللغة العربية، وجاء الإسلام بفضل الله وبهذا الكتاب العظيم الذي ينظم ويرتب هذه اللغة ويجعلها في زيها الجميل الذي نراه الآن، والدين كله كان في الجزيرة العربية.
1 / 3