206

Sharh Akhsar al-Mukhtasarat by Ibn Jibreen

شرح أخصر المختصرات لابن جبرين

Géneros

الصلوات التي تجوز وقت النهي
يحرم ابتداء النفل في أوقات النهي، أما إذا كان يصلي فدخل وقت النهي فلا بأس، مثلًا كان يصلي الضحى وامتدت صلاته حتى استوت الشمس فإنه يكمل، والنوافل كلها لا تجوز في أوقات النهي إلا الفرائض إذا فاتت، فلو طلعت الشمس وهو يصلي الفجر فإنه يتمها، أو طلعت قبل أن يصلي فإنه يصلي ساعة ما يستيقظ لقوله ﷺ: (وقت النائم إذا استيقظ، ووقت الناسي إذا ذكر) .
واختلف في ركعتي الطواف فـ عمر ﵁ طاف بعد الفجر، ولم يصل ركعتي الطواف، ركب راحلته وصلاها بذي طوى بعدما طلعت الشمس، فكأنه كان يرى أنها لا تصح في وقت النهي، وكان ابن الزبير يطوف بعد العصر ثم يدخل بيته ولا يصليها عند المقام، وكثير من الصحابة كانوا لا يصلونها، وآخرون رأوا أنها من ذوات الأسباب التي يباح فعلها في هذه الأوقات.
وأما سنة الفجر إذا فاتت فهل يصليها بعد الفجر؟ في حديث قيس أن النبي ﷺ رآه يصلي ركعتين بعد الفجر فقال: (ما هذه الصلاة يا قيس؟ فقال: الركعتان قبل الفجر لم أدركهما، فسكت) وسكوته دليل على الإقرار، ولكن كأنه يكره مثل هذا.
واختلف في صلاة الجنازة في هذين الوقتين، والصحيح أنها جائزة؛ لأنه لا ركوع فيها ولا سجود، وبعض العلماء رأى أنه لا يصلى على الجنازة في أوقات النهي، فمثلًا الخرقي الذي شرحه الزركشي وشرحه ابن قدامة في المغني يقول: إذا جيء بالجنازة وقت العصر صلوا عليها قبل صلاة العصر، وكذلك إذا جيء بها وقت الفجر قدموا الصلاة عليها قبل صلاتهم للصبح، حتى لا يؤخرونها بعد الصلاة فتكون في وقت نهي، فكأن الخرقي فهم أنها لا تصلى في أوقات النهي، والأكثرون على أنها من ذوات الأسباب.
واختلف في تحية المسجد، فكثير من العلماء يقولون: لا تدخلوا المسجد في أوقات النهي؛ لأنكم إن صليتم خالفتم حديث أربعة وعشرين صحابيًا روايتهم مرفوعة، وإن تركتموها خالفتم حديث أبي قتادة: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)، فكونكم تخالفون حديثًا أو أحاديث هذا عمل يخالف الشرع والأدلة.
وبعضهم يدخلون المسجد ولا يصلونها ويقولون: كوننا نخالف أربعة وعشرين حديثًا أشد من مخالفتنا حديثًا أو حديثين، فإن صلاة تحية المسجد ورد فيها حديثان أو ثلاثة، وبكل حال لكلٍ اجتهاده، والله أعلم.

8 / 23