Sharaf
al-Sharaf al-Aʿla fi Dhikr Qubur al-Muʿalla
Géneros
بلى قد وسعت الجود والجود ميت ولو كان حيا ضقت حتى تصدعا أبو تمام حبيب الطائي يرثي محمد بن حميد الطائي سقى الغيث غيثا وارت الأرض شخصه وإن لم يكن فيه سحاب ولا قطر وكيف احتمال للسحاب صنيعه بإسقائه قبرا وفى لحده البحر مضى طاهر الأثواب لم تبق بقعة غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر تردى ثياب الموت حمرا فما اتى لها الليل إلا وهي من سندس خضر أراد وهي خضر من سندس فقدم وأخر ولم يجعل خضر نعتا لسندس وأولها كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر وليس لعين لم يفض ماؤها عذر قال أبو دلف لأبي تمام أنشدني من قولك في محمد بن حميد فأنشده الأبيات السابقة وهي طويلة وطائلة فقال أبو دلف والله لوددت أنها قيلت في فقال أبو تمام لا بل أفدي الأمير بنفسي وأكون المقدم قبله فقال أبو دلف إنه لم يمت من رثي بمثل هذا الشعر ثم هذا وقت الشروع في مقصود كتابة هذه الورقات وتعليق ما اخترته مما وجدته على القبور من الكتابات ولا ألتزم في ذلك ترتيبا بل هو على حسب حال الكتابة من ذكر متأخر على متقدم وتقديم مأمور على أمير وسبق جاهل على عالم وغبي على عارف ونحو ذلك فإن المقصود تخليد ذكرهم في الاوراق وحفظ اسمائهم والاطلاع على حال من دفن في هذه المقبرة المباركة من أهلها والواردين عليها فإن الأحجار معرضة لزوال ما عليها من الكتابة إما بطول الزمن أو بغير ذلك من الأسباب وألتزم ضبط ما أجده على الحجر من العبارة وذكر المطلوب من ذلك معرضا عن غيره وقد جرت عادة من يكتب هذه الأحجار أن يبتدى بعد البسملة بذكر آية من كتاب الله القرآن العزيز أو آيات مناسبة للموت أو لحال ذلك الميت بخصوصية فيه وقد رأيت في كتاب صيقل الفهم للراغب ما صورته أن بعضهم قال كنت عند الصاحب بن عباد وعنده علوي شامى يخبره بعجائب ما رأى وعجائب ما شاهد وذكر من ذلك أنه قال رأيت قبرا بفلسطين وعليه مكتوب قل هو نبؤا عظيم أنم عنه معرضون انتهى وفي هذه المقبرة الشريفة التي نحن بصدد ذكرها من الأحجار التي مكتوب عليها هذه الآية
Página 60