113

Shama'il al-Rasul

شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

Editorial

دار القمة

Número de edición

-

Ubicación del editor

الإسكندرية

Géneros

نمر نحن عليه فلا يشعر بنا ولا نشعر به، وحجر يمر عليه النبي ﷺ فيسلم عليه معلنا الإيمان به ﷺ نبيّا ورسولا، شتان بين نخلة نرويها ونسقيها لننتفع من ثمرها الطيب ليس بيننا وبينها علاقة حب ومودة، وبين نخلة كان النبي ﷺ يتكئ عليها في خطبة الجمعة فكانت تسمع منه الذكر الحكيم وتعيه وتخشع له فأحبت النبيّ ﷺ وأحبت الذكر الذي كانت تسمعه أعظم الحب، ثم لما تركها ﷺ وخطب على المنبر اشتاقت إليه أشد الاشتياق وشعرت بفداحة المصيبة التي ألمت بها بفراق النبي ﷺ، فلن يمسها- بعد صناعة المنبر- جسد النبي ﷺ بعد أن كانت تحظى بهذا الشرف وتنال من بركته ما لم يحظ به من جنسها أحد مثلها، فما كان منها إلا أن بكت بكاء الصبي، الذي أصابته مصيبة، وأقول: فارق كبير- والله- بين حبنا وحب النخلة، وأسأل هل قست قلوبنا فعجزت أن تحب النبي ﷺ وتشتاق إليه؟! كما أحبته الشجرة واشتاقت إليه؟! هل وصل بنا الأمر أن يكون غاية أملنا أن يصل حبنا كحب الشجرة وقليل منا من يبلغه، والله لا نملك أن نقول في مصيبتنا هذه إلا: إنا لله وإنا إليه راجعون. أيها المسلمون هل يقبل عقلا أو شرعا أن يكون حبنا للنبي ﷺ أقل من حب الشجرة، وكان الأجدر والأولى هو العكس؛ لأننا الذين تنعمنا بخيره من كل وجه، حيث خرجنا به من الظلمات إلى النور؛ لأننا الذين استنقذنا الله به من النار ويدخلنا به الجنة إن شاء الله؛ لأننا الذين نطمع في شفاعته يوم الدين، ولأننا المقصودون أولا وآخرا ببعثته الميمونة ﷺ. أيها المسلمون: بعد هذا البيان هل لنا أن نتصور حب الله ﷾ له ﷺ، وهو ﷾ الذي اصطفاه على العالمين ورضي به خاتما لأنبيائه ومرسليه، وأمينا على أعظم كتبه وأكمل شرائعه، وكذا حب أصحابه وأزواجه له ﷺ. وأختم بكلام جميل يؤكد ما ذكرته آنفا ويبين ما في نفسي من المعاني التى لم أستطع أن أعبر عنها، قال الإمام الشافعي- ﵀ فيما رواه عنه ابن أبي حاتم في «مناقب الشافعي» عن عمرو بن سواء عن الشافعي قال: ما أعطى الله نبيّا ما أعطى محمدا، فقلت: أعطى عيسى إحياء الموتى، قال: أعطى محمدا حنين الجذع حتى سمع صوته، فهذا أكبر من ذلك «١» . فإن قال قائل: كيف يكون حنين جذع نخلة أعظم إعجازا من إحياء عيسى ﵇

(١) انظر فتح الباري (٦/ ٦٠٣) .

1 / 118