La duda creativa: en diálogo con los ancestros
الشك الخلاق: في حوار مع السلف
Géneros
الطريق الثالث وأصولية السوق
نذر جيدنز جهده لإطلاق هذه الشرارة. وتمثل جهوده الفكرية محاولة في هذا الاتجاه. والتمس بجهوده صوغ معادلة بين واقع حال يسار مهزوم مأزوم، ويمين مأزوم ولكنه متربع على قمة السلطة ويؤكد أنه نهاية التاريخ ولا بديل عنه. أزمة اليسار ليست في انتشاره؛ فالتيارات اليسارية كثيرة هنا وهناك في الغرب تحت مسميات لأحزاب ومنظمات أهلية عديدة، ولكن المشكلة التي تواجه اليسار - بكل ألوان الطيف - هي القدرة على تقديم إطار فكري جديد بديل يحوز الثقة ويبدو متماسكا ومواكبا للتطور الكوكبي. وتتمثل أزمة اليمين أيضا في سقوط أطره الفكرية الموسومة بالتقليدية بل والجديدة التي مضت أو قضت من دون أن يشير إليها أو يلحظها أحد. ونذكر هنا كمثال توافق واشنطن الذي ولد ميتا مع ما أثاره من أزمات مدمرة.
ونشير في هذا الصدد إلى ما قاله جوزيف ستيجليتز
Stiglitz Joseph
في ورقة له تحت عنوان «نحو توافق جديد للطريق الثالث».
في 9 مايو 2001م والجدير بالذكر أن ستيجليتز هو أستاذ الاقتصاد بجامعة ستانفورد، وشعل منصب رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس بيل كلينتون، وشغل قبل ذلك منصب الاقتصادي الأول في البنك الدولي، وكان رائد إنجاز توافق واشنطن ثم رائدا بعد ذلك لمحاولة إنجاز ما يعرف باسم «ما بعد توافق واشنطن»
Washington Consensus .
ويعبر حديثه عن الأزمة والحيرة إذ يقول: «إن من كانوا يحلمون بأن يحقق توافق واشنطن نجاحا وهيمنة هم أنفسهم الدين يعملون من أجل - ما بعد توافق واشنطن - ويوضح أن أيديولوجية اليمين تجسدت في «توافق واشنطن» المعبر عن النزعة الأصولية للسوق لدى الليبرالية الجديدة، ويضيف: «ولم تكن هذه النزعة أكثر نجاحا من الاشتراكية، وإن مضت أخطاؤها من دون أن يشير إليها أحد.» ويستطرد قائلا: «وحققت بلدان شرق آسيا نجاحات مذهلة حين التزمت سياسة مخالفة لما يفرضه توافق واشنطن واقتصاد السوق الحرة المسمى الليبرالية الجديدة .. خاصة أن أزمة 1997م التي عانت منها البلدان حدثت من جراء نصائح صندوق النقد الدولي ووزارة الخزانة الأمريكية .. لقد حان الوقت لتأسيس توافق «طريق ثالث» جديد ينبذ نظرة الليبرالية الجديدة التي انبثقت عن توافق واشنطن، ويعمل من أجل نظرة متوازنة بين السوق والحكم، ولا يخلط بين الوسيلة «الخصخصة والتحرير» والغايات».
صعد نجم أنطوني جيدنز واقترن اسمه بالطريق الثالث أو الاشتراكية الديمقراطية في ثوب جديد، كما يحلو له أحيانا أن يسميه. ويمثل الطريق الثالث مشروعه الفكري، ويتميز جيدنز بأن له قاموسه اللغوي ومفاهيمه المميزة مما يوجب الإلمام بمختلف جوانب فكره ومدلولات مصطلحاته قبل الحكم عليه. ويستهل جيدنز مشروعه الفكري «الطريق الثالث» برؤية تشخيصية لواقع حال العالم الجديد بعد التقليدي، الذي بدا في رأيه منذ عقدين اثنين أو أكثر قليلا. يصف العالم فيقول: «نحن نعيش في عالم مخرب مدمر بشكل جذري ويحتاج بالتالي إلى أدوية وعلاجات جذرية راديكالية.»
ويقول في إحدى محاضراته: «ونحن نودع القرن العشرين أرى أننا لسنا إزاء عالم على قدر عال من التنظيم والقدرة على التنبؤ وخاضع ليسطرتنا، بل على العكس؛ إذ إننا إزاء عالم شارد مضطرب، أو إن شئت فقل عالم منفلت؛ ومن ثم فبدلا من الحديث عن زيادة الدمج الكوكبي حري بنا أن نناقش التحولات الأساسية التي طرأت على أسلوب عالمنا واستبيان حقيقتها. إن هذه التحولات لا تتضمن فقط تحولات في وعينا الباطني وفي هويتنا.»
Página desconocida