68

فيمكن أن يقال على الجملة إن مصادر التاريخيات ومصادر المآسي في كثير من الأحيان تتطلب من المؤلف اطلاعا على الكتب في لغته وفي اللغات الأجنبية، ومعظمها مما يدرسه المثقفون أو يتأدبون بالاطلاع عليه، ولكن مصادر الملهاة على الأكثر «شفوية» أو كالشفوية في مادتها؛ لأنها تجمع في الصفحات ما يتداوله جمهرة الناس من الحكايات والنوادر التي تشمل أحيانا عجائب السحرة والعفاريت وخلائق الأساطير والخرافات، وقد تقوم الملهاة على إشاعة من إشاعات الثرثرة واللغط في المجتمع على اختلاف طبقاته، فلا يعلم بعد عصرها من أين وصلت إلى المؤلف ومن هم المقصودون بما تعرض له من الإشارات والمضامين.

وهذه المصادر تدل على تفرقة المؤلف والنظارة في ذلك العصر بين قيمة المسرحية التاريخية أو المأساة وقيمة المسرحية الفكاهية من الوجهة الفنية، فهم لا يحفلون باختيار مصادر الملهاة كما يحتفلون باختيار المصادر التاريخية أو وقائع الجد والخطر، ويدل هذا من جهة أخرى على شأن المصدر عندهم في تأليف الرواية المسرحية على العموم، فهم لا يطلبون من المؤلف أن يبتدع لهم موضوعا يرونه على المسرح لأول مرة، بل يكفيهم منه، أو هم يطلبون منه في الواقع، أن يمثل لهم ما يتحدثون به ويتسامعونه في الصغر في البيوت والأندية، ولا يعنيهم وهم يذهبون إلى المسرح أن يسألوا: ما هي القصة؟ كما يعنيهم أن يسألوا: كيف يمثل لنا المؤلف هذه القصة التي نقرأها في الكتب أو نتحدث بها في الأسمار؟

وتحتوي مجموعة شكسبير ست عشرة ملهاة مع حسبان رواية بركليز وسمبلين من الملهيات خلافا لتقسيم بعض المجاميع الأولى، وهي رواية الأغلاط والسيدان من ڨيرونا، وترويض السليطة، وضيعة الحب، وحلم ليلة صيف، وتاجر البندقية، وزوجات وندسور المرحات، ولجاجة في غير طائل، وكما تهوى أو كما تهوون، والليلة الثانية عشرة، والعبرة بالخواتيم، ودقة بدقة، ونادرة الشتاء، والعاصفة، وبركليز، وسمبلين.

فرواية الأغلاط مأخوذة من مناظر متفرقة من روايات الشاعر الروماني بلوتس

(254-148ق.م) والشاعر الإنجليزي جون جوار

Gower (1331-1408م)، ولا يعلم هل اطلع شكسبير على رواية التوأمين لبلوتس باللاتينية أو اطلع عليها مترجمة مخطوطة بقلم وليام وارنر

Warner

عند اللورد هندسون

Hunsdon ؛ لأن وارنر قدمها إلى اللورد في سنة 1594 قبل نشرها بسنة واحدة، وكان شكسبير من الأدباء ذوي الحظوة لديه.

ورواية السيدان من ڨيرونا

Página desconocida