وكانت شجرة الدر في جملة جواريه، وقد أنجبت ولدا اسمه خليل، فقربها منه، كما كانت هي على
جانب عظيم من الدهاء والذكاء، فنالت نفوذا عظيما عنده، فلما مات في المنصورة سنة 647ه.
كتمت أمره، وقامت بأمور الدولة، وكانت توقع على الأوامر بتوقيعه خوفا من الفشل وهم في حرب
مع الصليبيين، لكنها أسرت الخبر إلى كبار الأمراء، ولا سيما عز الدين أيبك التركماني، وكانت
بينه وبينها مودة، فبعث أعيان الأمراء إلى غياث الدين بن الملك الصالح، فاستقدموه من حصن
كيفا وولوه عليهم وواصلوا محاربة الصليبيين.
أما شجرة الدر فإنها عادت إلى تلك القلعة وأقامت فيها، وفي خاطرها أشياء لم تطلع عليها
أحدا، ورغم ثقتها العظيمة بشوكار لم تفاتحها بشيء منها. وفي تلك الليلة المقمرة جاشت
أشجانها وأرقت لسبب تعلمه هي ولا يعلمه سواها. وكانت كثيرة الاستئناس بشوكار جاريتها؛ وهي
جميلة الطلعة، رخيمة الصوت، تتقن العزف على العود. فلما أرقت دعتها إليها للاستئناس بها
Página desconocida