228

Un árbol crece en Brooklyn

شجرة تنمو في بروكلين

Géneros

وصمتت كاتي فترة طويلة، ولما تكلمت قالت كلماتها في هدوء كأنما تكلم نفسها: إن الرجال لا ينبغي لهم أن يحضروا في مثل هذا الوقت، ومع ذلك فإن النساء يستبقينهم إلى جوارهن، ويطلبن منهن أن يسمعوا كل أنة وكل زفرة، وأن يروا كل قطرة من الدماء، وأن ينصتوا إلى كل مزقة تصيب جسد المرأة، ما سر تلك السعادة الملتوية التي يتلمسنها في جعل الرجل يشاركهن في شقائهن؟ يبدو أنهن ينتقمن لأن الله خلقهن نساء، كم الساعة؟

وواصلت كلامها دون أن تنتظر الإجابة: وإنهن قبل أن يتزوجن يمتن خجلا لو أن رجلا رآهن مشعثات الشعر أو أبصرهن وقد نفضن عنهن المشدات، ولكنهن حين يلدن فإنهن يردن من الرجل أن يراهن في أقبح منظر يمكن أن تبدو عليه المرأة، ولست أدري لذلك سببا ... أجل لا أدري له سببا، إن الرجل يفكر في الألم والعذاب اللذين أصابا المرأة من اجتماعهما ... فهو لا يجد متعة في هذا الاجتماع من بعد، إن هذا هو السبب في أن كثيرا من الرجال يبدءون بخيانة زوجاتهم بعد ولادة الطفل.

وكانت كاتي لا تكاد تدرك ما تقول لأنها كانت تفتقد جوني افتقادا عظيما، وتفكر على هذا النحو لتفلسف غيابه عنها. - ثم هناك قول مأثور: إذا أحببت شخصا فخير لك أن تقاسي الألم وحدك حتى تجنبيه ذلك؛ لهذا أبعدي رجلك خارج المنزل حين يحل موعد ولادتك. - نعم يا أمي، إنها السابعة وخمس دقائق. - انظري، هل نيلي مقبل؟

ونظرت فرانسي وأخبرتها بأن نيلي لم يظهر في الطريق بعد، وعاد تفكير كاتي إلى ما قالته فرانسي، من أن نيلي يبعث في قلبها الراحة: لا يا فرانسي، إنك أنت التي تبعثين في قلبي الراحة الآن.

وتنهدت. - لو كان صبيا فسوف نسميه جوني. - سوف يكون من الخير يا أمي أن نصبح أربعة مرة أخرى. - أجل، ليكونن ذلك خيرا.

وظلت كاتي حينا لا تقول شيئا، وأخبرتها فرانسي - حين سألت عن الساعة في المرة التالية - أنها السابعة والربع، وأن نيلي أوشك أن يعود إلى البيت، وأرشدت كاتي فرانسي طالبة منها أن تلف منامة لنيلي وفرشة أسنان، ومنشفة نظيفة وقطعة من الصابون في ورقة من ورق الصحف؛ لأن الأمر يقتضي أن يقضي نيلي الليلة في بيت إيفي، ونزلت فرانسي مرتين في الشارع ولفة الملابس تحت ذراعيها قبل أن ترى نيلي مقبلا، كان يجري هابطا الشارع، وجرت هي لتلقاه وأعطته اللفة، وأجر الركوب، وأبلغته أوامر الأم، وطلبت منه أن يسرع، وسألها: كيف حال أمي؟ - بخير. - هل أنت متأكدة؟ - نعم متأكدة، إني أسمع عربة التروللي قادمة، خير لك أن تجري.

وجرى نيلي، ورأت فرانسي حين عادت أن وجه أمها غارق في العرق، وعلى شفتها السفلى دم كأنما قد عضتها. - أوه! أمي، أمي!

وهزت يد أمها ورفعتها إلى خدها، وهمست الأم: خذي قطعة قماش مبللة بالماء البارد وامسحي وجهي.

واستأنفت كاتي - بعد أن فعلت فرانسي - ذلك الحديث الذي لم يكتمل في عقلها. - إنك بلا شك تبعثين الراحة في قلبي.

وشط عقلها في شيء بدا غير مرتبط بسابقه، وإن كان في الحقيقة مكملا له: كنت أنوي دائما أن أقرأ موضوعاتك التي نلت عليها درجة جيد، ولكن لم يتسع وقتي لذلك قط، وليس لدي متسع منه الآن إلا القليل، فهل لك أن تقرئي علي موضوعا من موضوعات إنشائك؟ - لا أستطيع، فقد حرقتها جميعا. - لقد فكرت فيها، وكتبتها، وقدمتها، ونلت عليها درجات، وفكرت فيها بعضا آخر من الوقت، ثم حرقتها، فعلت كل ذلك دون أن أقرأ منها موضوعا واحدا. - لا عليك يا أمي، إنها لم تكن جيدة. - إن ذلك عبء ينوء به ضميري. - إنها لم تكن جيدة يا أمي، وأنا أعلم أن الوقت لم يتوافر لك أبدا.

Página desconocida