وقدم الأب لفرانسي هدية خاصة، كانت بطاقة بريد رسمت عليها صورة كنيسة، بسط على سطحها مسحوق غراء السمك، ولها بريق يفوق بريق الثلج الحقيقي، وكانت ألواح نوافذ الكنيسة مصنوعة من الورق البرتقالي اللامع على صورة مربعات صغيرة، والسحر الذي تنطوي عليه هذه البطاقة، هو أن فرانسي حين ترفعها إلى أعلى ينطلق من خلال ألواح الورق ضوء، يلقي ظلالا ذهبية على الثلج المتلألئ، كانت شيئا جميلا، وقالت لها أمها ما دام لم يكتب عليها شيء، فإنها تستطيع أن تدخرها للسنة المقبلة وترسلها بالبريد لمن تريد.
وقالت فرانسي: آه! لا.
ووضعت ذراعيها حول البطاقة وضمتها إلى صدرها، وضحكت أمها قائلة: يجب يا فرانسي أن تتعلمي كيف تستمتعين بالفكاهة، وإلا فسوف تقسو عليك الحياة كثيرا.
وقال الأب: إن عيد الميلاد يوم لا يتسع للدروس.
وانفجرت كاتي قائلة: ولكنه يوم يتسع لشرب الخمر، أليس كذلك؟
وقال جوني مستعطفا: إن كل ما شربته هو كأسان فحسب يا كاتي، لقد دعيت بمناسبة عيد الميلاد.
وذهبت فرانسي إلى حجرة النوم وأغلقت الباب، ولم يكن في استطاعتها أن تحتمل سماع أمها وهي تؤنب أباها.
ووزعت فرانسي الهدايا التي اشترتها لهم قبل العشاء مباشرة، وأعطت أمها حاملا لدبابيس القبعات، صنعته من أنبوبة اختبار تساوي بنسا اشترتها من محل كنيب للأدوية، وغطتها بشريط من الساتان الأزرق ثني من الجوانب، وحاكت على قمتها شريطا من أشرطة الأطفال، وكان يستخدم في حمل دبابيس القبعة، ويعلق على جانب صوان الملابس.
وأهدت أباها جيب ساعة صغيرا، صنعته على ملف دقت على قمته أربعة مسامير، وأخذت رباطين من أربطة الأحذية ولفتهما حول المسامير، وأصبح الجيب يتكون تدريجا من أسفل الملف إلى أعلاه وهي تلفه، ولم يكن لدى جوني ساعة، لكنه أخذ أنبوبة غسيل حديدية ووصل الجيب بها ولبسها في جيب ردائه طول اليوم، متظاهرا بأنها ساعة، وأهدت فرانسي نيلي هدية جميلة جدا، وهي رامية ثمنها خمسة سنتات تشبه حجر عين الهر الكبير أكثر مما تشبه البلية، ونيلي عنده صندوق مليء ببلي صغير مرقط بني اللون وأزرق صنع من الصلصال، ثمن العشرين منه بنس، ولكن لم يكن لديه رامية جديدة؛ لهذا لم يستطع أن يدخل في أي لعبة هامة، وراقبته فرانسي وهو يثني سبابته ويضع البلية الصغيرة فيها مسندا إياها بإبهامه، وبدا منظرها جميلا طبيعيا على ذلك النحو، وشعرت بالسعادة لأنها اشترتها له بدلا من البندقية ذات الطلقات، التي فكرت أول الأمر في شرائها له بخمسة سنتات.
ووضع نيلي البلية في جيبه، وأعلن أن لديه هدايا أيضا، وجرى إلى حجرة النوم، وزحف تحت سريره، ثم خرج ومعه حقيبة لزجة، ودفعها إلى أمه قائلا: وزعي عليهم أنت.
Página desconocida