فلثم خدها وهو يضحك، ثم قال: شقة لقطة! - حقيقة. - ترى أين أم عبد الله؟ - لعلها في المطبخ أو الحمام. - ترينها يا عزيزتي أهلا للثقة؟ - كل الثقة، لم تفارق ماما مذ كانت في العاشرة. - ستقيم في شقتنا أكثر منا، وستدير جميع شئونها، أما نحن فلن نهنأ بها إلا حين الراحة والنوم. - ندر بين أمثالنا من الأزواج العاملين من ظفر بمدبرة بيت مثلها. - أي بهجة لشقة جميلة كهذه بدون مدبرة؟ - هذه هي الحقيقة، هي في ذات الوقت مشكلة، ولكن ...
وجعلت تتشمم الهواء في قلق وتتساءل: ألا تشم رائحة غريبة؟ - رائحة غريبة؟
وراح يتشمم بدوره ثم قال: أجل .. ثمة رائحة غريبة. - رائحة طبيخ.
وقاما بجولة تفتيش في الأركان؛ تحت المقاعد، تحت الكنبة، وصاح الشاب باستنكار: توجد حلة تحت الكنبة. - حلة؟!
أخرجها الشاب بوجه متقزز وهو يتمتم: حلة طبيخ في حجرة الجلوس! - وهو طبيخ حامض، ما معنى ذلك؟! - شيء لا يتصوره العقل.
وصفق بيديه بشدة ونرفزة، وصاحت الفتاة: أم عبد الله!
ترامى إليهما وقع أقدام ثقيلة. دخل رجل قصير بدين، مصبوب في كتلة قوية كأنه برميل. غليظ الرأس والوجه والعنق كأنه مصارع محترف، ومن عينيه الغائرتين تنبعث نظرة جامدة بليدة. وقف في بنطلونه الترابي وقميصه الأسود وحذائه المطاط ، ينظر إليهما ببلادة وعدم اكتراث. صرخت في عينيهما نظرة ذاهلة غير مصدقة. تبادلا نظرة سريعة، ثم عادا للحملقة في وجهه البليد. وسألته الفتاة: من أنت؟
لم يجب. كأنه لم يسمع. سأله الشاب بصوت رنان: من أنت؟
فنظر إلى الشاب مليا ثم تمتم بهدوء بارد: أنا ابن أم عبد الله. - ومن أذن لك بدخول الشقة؟ - استدعتني لأحل محلها في أثناء غيابها. - أليست في الداخل؟ - سافرت إلى طنطا لحضور مولد السيد. - متى سافرت؟ - صباح اليوم.
فقالت الفتاة باستياء: لكنها لم تستأذن منا، بل ولم تخطرنا ...
Página desconocida