Mujeres Famosas en el Mundo Islámico
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
Géneros
إنك إن فعلت ذلك يذكرك التاريخ ظالما معتسفا ويذكر أيامك بالعار، إن كنت تريد ضحية فها أنا ذا، سكن ثائرة غضبك بالقضاء على حياتي، ولكن أنا ما خالفت لك أمرا، إذا كان احترام عقد أمضيته أنت بيدك يعد خيانة فاتهمني، تذكر المولى واخش الآخر، إن العدل الإلهي سيذكرك بموقفك هذا.
ففزع الرشيد من مكانه حانقا وعيناه تتقدان بنيران الغيظ وهجم عليها يقول: قد جاوزت الحد، ألمثلي هذا القول؟! رباه لا أستطيع احتمالا، أنت مجرمة فيجب أن تموتي، كنت قد قيدت العقد بشرط أنت الآن تتجاهلينه. - كلا، لم أنسه، ولكن هل هو شرط مشروع؟ أيجوز أمثال هذه الحيل في ديننا الحنيف؟ لم أرتكب أمرا يخالف الشرع وإنما أنت الذي تريد أن تحرم ما أحله الله، ألا اتق الله في نفسك يا هارون، أين إيمانك؟ ألم ننشأ معا؟ ألم نعطف على بعضنا منذ الصغر، إن قتلتني أذهب ضحية على مذبح غرورك، أما جعفر فأنت تعلم شهامته ومزاياه حق العلم، ولن تجد من يسد فراغه، فإن كنت مصمما على ضحية فها أنا ذا بين يديك، أنزل سوط غضبك على بريء واحد ولا تلوث يديك بجريمتين.
لم يتمالك الرشيد نفسه عند سماعه الجملة الأخيرة فصاح مزمجرا: أدفاعا عنه أمامي، ستموتون أنتم الثلاثة: أنت وهو وحسن، أنا الخليفة لا مرد لأمري.
فحرك اسم «حسن» عواطف الأمومة في نفسها فارتمت عند قدمي أخيها تصيح: بربك اصفح ولا تقتل طفلا بريئا معصوما يا أمير المؤمنين، إنك والد فاتق الله، أنا لا أطلب الصفح من أخي إنما أرجو الغفران من الخليفة هارون الرشيد.
كانت العباسة تبكي بكاء مرا، هي لم تفقد حرارتها حتى تلك اللحظة، ولكنها أضاعت كل شيء وأظلمت الدنيا في عينيها وأصبحت يائسة مفككة الأوصال عندما ذكر مقتل ابنها.
لم يعبأ الرشيد بتوسلاتها ولم يحركه بكاؤها بل قال: كل هذا لا يجدي، قد قلت كلمتي الأخيرة.
ونادى مسرورا بعد ذلك ففهمت العباسة قصده فاعتدلت ووقفت شامخة برأسها تستشهد وتستغفر.
دخل مسرور وانحنى أمامها، ولكنها لم تحفل به ولم تتنازل إلى رد السلام، وإنما حولت وجهها إلى الكعبة، مقر ابنها الحسن وقد كانت تظنه على قيد الحياة، تدعو المولى أن يكلأه بعين عنايته، وتحولت بعد ذلك نحو قصر جعفر، وفي لحظة أطار مسرور رأسها بضربة واحدة من سيفه فوقع على الأرض متدحرجا حتى أقدام الرشيد.
تلكما العينان الجميلتان كانتا تنظران إلى الرشيد تفكرانه بقضاء الآخرة عندما ينصب ميزان الأعمال، فارتعشت روحه داخل جسده وقام من فوره يأمر مسرورا بأن يعجل فيما ندبه إليه، فوفد الغرفة عشرة رجال حفروا وسطها حفرة واروا فيها الجثة وبعد إتمام العملية أمر الرشيد بقتلهم وبأن ترمى أجسادهم في الدجلة.
عندما تمت الفاجعة وخرج الرشيد من غرفة ضحيته كان لمعان الصبح قد بدا وكانت أضواء الصباح الوافدة إلى الغرفة من حديقة القصر تنير هذا المرقد الأبدي بهدوء وجلال.
Página desconocida