Mujeres Famosas en el Mundo Islámico
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
Géneros
نشأت وترعرعت في مسارح الذوق والصفاء وفي مجالس الأنس والدلال، وفي مغاني السرور والابتسامات، فشبت موسيقية الطبع، جميلة الروح، فاتنة الشكل، متحلية بالأدبين؛ أدب العلم وأدب النفس، كلفة بالشعر كلفها بالورود والأزهار ونفائس المعنويات والماديات.
فتحت أنظارها في أبهة قصرها المشرف على الدجلة، فشاهدت ما حواه من طنطنة ودبدبة ومتعت النفس بدهاليزه المعنبرة وغرفه المزهرة فازدادت بهجة وجلالا.
إنها ملاك جميل؛ ملاك لا نسمع بذكره إلا في أساطير الأولين، إلا أنها تمتاز عن ملائكة الأساطير بقصر حياتها، ولو دققنا النظر في تلك اللآلئ التي تزين جيدها، لآلئ مأساتها وأيام حياتها، لوجدناها قد انتظمت على سلك من الأحزان والآلام، إن المرء ليفضل قلادة خزفية على تلك الجواهر المنظومة في سلك الأكدار، هذا أمر طالما تمنته، فكم أرادت أن تبيع عقدها لقاء أيام من السعادة طويلة الأمد، ولكن الدهر القاسي، الدهر المتسيطر على عالمنا الحقير أبى عليها هذه النعمة، بل عاداها وأشهر عليها حربا عوانا لتشنها في خلع عقدها وقد كانت تراه نيرا يستعبد روحها.
لم تمت العباسة لأنها تعقبت آثار الغواية المعوجة، كلا، إنما أرادت أن تجني ثمار الأمل دون أن تحفل بالقدر أو تعبأ به، فماتت وتدهورت تحت عجلات الأقدار ودفعت بجسمها لهذه الدنيا دينا هو في ذمة كل إنسان يعيش على وجه البسيطة، فكان مقتلها منقبة تاريخية وضياعها باعثا على تسجيل اسمها في صحيفة الأسماء الخالدة.
الفصل الثالث
البرامكة الذين كانوا غرة في جبين الدولة العباسية وتاجا على مفرق أيام الرشيد، هم أحفاد بعض المماليك من الفرس الذين استوطنوا بغداد أيام خلافة المنصور، كانوا قديما على دين المجوس ثم أسلم منهم من أسلم وحسن إسلامهم، استوزر المنصور جدهم خالد بن برمك فكانت لهم الكلمة النافذة والسيطرة التامة في شئون الحكم والإدارة، وضربت بمكارمهم الأمثال، وشدت إليهم الرحال ونيطت بهم الآمال، بذلت لهم الدنيا أفلاذ أكبادها ومنحتهم أوفر أسعادها، فكان يحيى وبنوه كالنجوم زاهرة والبحور زاخرة والسيول دافقة والغيوم ماطرة، أسواق الآداب عندهم نابقة، ومراتب ذوي الحرمات عندهم عالية، والدنيا في أيامهم عامرة، وأبهة المملكة ظاهرة.
أما يحيى بن خالد، وهو والد جعفر، فكان فخر العائلة البرمكية، وكان من عادته إذا ركب أن يعد صرارا في كل صرة مائتا درهم يدفعها إلى المعترضين له يمينا ويسارا فإذا رآه الناس بشروا بعضهم البعض بتدفق غيوث خيراته وحسناته عليهم.
يحكى أن أحد أعدائه البخلاء اضطر في أحد المجالس أن يصافحه، إلا أنه ما كاد يضع يده في يد يحيى حتى أرجعها خائفا مذعورا فنظر إليه يحيي نظرة المستغرب الناقد فأجابه: أخاف إن صافحتك أن تسري إلي عدوى جودك وكرمك.
1
كان قصر البرامكة على شاطئ الدجلة قبالة قصر الخلافة، وكانت أبوابه مفتوحة ليل نهار للزائرين من غادين ورائحين، وكان أبو نواس يسمي دارهم ملجأ الإسلام وهو القائل فيهم:
Página desconocida