Mujeres Famosas en el Mundo Islámico
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
Géneros
بعد هذه الحادثة قبض المعز على خصمه مظفر الدين وحبسه فخلا له الجو مرة أخرى.
الفصل السادس
العشق نبات لاهوتي، ينمو بطبيعته في كل زمان ومكان وفي كل بلد وإقليم، فلا الرياح ولا العواصف ولا الأمطار تعوق هذا النبات عن النمو والنضوج؛ لأنه ينشأ حيثما شاء وأينما أراد، ولهذا النبات المحبوب زهرة لطيفة جديرة بالنظر والاعتبار.
ولكن لشمس العشق أشعة نارية تعمل في هذه الزهرة ما لا تعمله الطبيعة، لقد تؤثر على لونها فتصيرها باهتة شاحبة بعد النضارة والزهاء، وللعين دموع تنزح بانهمالها وانسجامها ما لها من رائحة عبقة وأريج فياح، وللقلب ثورات وهبات تنتثر معها أوراقها الجميلة فتذروها الرياح، إنها لزهرة رقيقة قد تذبل عند أقل إهمال، فهي تنبت في الأرض الغامرة والتربة الخصبة ويتناسب عمرها طولا وقصرا بقدر خصوبة التربة والمنبت، فمن استطاع سبيلا إلى تربية هذه الزهرة، زهرة الطبيعة زنبقة النور، عرف كنه الحياة، فإذا علمنا أن الملمين بفن تربيته قليلون أدركنا كيف أن الكثيرين تذبل زهراتهم في مدد قصيرة.
هكذا الحال مع شجرة الدر والمعز، فإن زهرة حبهما وإخلاصهما أصابتها يد البلى بعد عواصف نفسية دامت أربعة أعوام.
بدأت عوامل الحياة والنمو تتقلص في زهرة الحب النامية في قلب المعز حتى ذبلت، أجل، لقد ذبلت تلك الزهرة الناضرة بغرور شجرة الدر، ذلك الغرور الذي أطفأ النيران المتأججة في صدر حبيبها المعز.
كانت الملكة عصمة الدين أميرة تليق بسياسة الشعب وإدارة الأحكام، أما في منزلها، في مملكتها الصغيرة، فقد كانت مستبدة توقع الرهبة في قلوب حاشيتها وتبعث السآمة والملل في نفس زوجها.
كان المعز مفتونا بشجرة الدر، منذ زواجه بها عام ستمائة وثمانية وأربعين هجرية، كان يجلها ويحترمها من أعماق النفس وصميم القلب لذكائها وجمالها ومركزها وماضيها المجيد، وكانت هي تعلم منه ذلك وتعتقد بدوام هذه المحبة فيرتاح نفسها وتفتخر بحالها، لم يخطر ببالها أنه سيأتي على المعز يوم يتزوج فيه امرأة غيرها، لو فعل ذلك لما غفرت له مثل هذا الذنب؛ إذ ترى أن المعز إنما صار سلطانا على مصر بسعيها وفضلها، فكانت تجاهر بهذا الرأي وتجابهه به ولا تجد لوما في أن تقول له: «ما وصلت إليه من عز وجاه، إنما وصلته من طريقي.» فكان يخجل من ذلك ويشعر باضطراب داخلي.
لم يأبه كثيرا لهذه الأقوال في مبدأ الأمر، ولكنه بدأ يشعر بوقعها الأليم على مر الأيام، إنه لا ينكر فضلها وعظيم أياديها عليه، ولكنه لم ينشأ صعلوكا حقيرا؛ قد كان ضابطا عالما عاملا ثم أميرا ذكي الفؤاد ذا شخصية ومكانة. •••
جمعت الملكة عصمة الدين إلى حسن الوجه جمال النفس؛ فهي لذلك امرأة جديرة بالحب ولكنها أكبر من أيبك سنا، وبدأت عوامل الانهماك في المشاغل الدنيوية تظهر أثرها على أديم ذلك الوجه الناصع وأخذ نور بهجتها في الأفول، وكلما ازدادت خطوة في طريق العمر، زاد طيشها واشتد نزقها إلى أن صيرها الكبر ذات طبع ناري ومزاج عصبي، تستبد مع من حولها، تشاكس زوجها وتنغص عليه عيشه وتضيق دونه المذاهب والمسالك صباح مساء.
Página desconocida