تكهرب جو الحجرة في سكون الفجر ... رمته بنظرة يائسة وغاضبة من عينين دمعت أسفلهما لطختان زرقاوان. ما أبشع شراسة الغضب في وجه ظل أليفا طيلة عشرين عاما! - ألم أنصحك بأن تروضي نفسك على قبول الواقع؟ - بل قل إنك تلطخ كرامتك مع امرأة ساقطة. - سيوقظ صوتك النائمين. - انظر إلى الأحمر في منديلك، ما أقذر هذا!
وأعماه الغضب فصاح: فليكن، وماذا بعد؟ - بنتك في سن الزواج. - إني أدفع عن نفسي الموت. - ألا تخجل؟ إني خجلة من أجلك.
فصاح بغضب أشد: قبول الموت أدعى للخجل.
وسقط رأسها مع دموعها، وهي تقول بصوت مختنق: عشرون عاما دون أن أعرف قذارتك.
فقال بجنون: إذن فلتكن النهاية. - سأهيم على وجهي. - بل تبقين، فهذا هو بيتك، وسأذهب أنا.
وارتميت على مقعد بحجرة الجلوس مغمض العينين من الألم. ورفعت رأسك على حس، فإذا بثينة واقفة أمامك، ناعسة العينين من أثر النوم، شاحبة الوجه. ترامقا في صمت في جو مشحون بالعتاب، والشعور بالإثم، وتذكرت الكذبة السوداء. وعصرك خزي لم تشعر به من قبل. - آسف يا بثينة على إزعاجك.
وضح في ضمة شفتيها الكبرياء الجريح. - لا فائدة من الكلام.
ناءت بالأرض التي تحملها فوق عاتقها، ولم تنبس. - ستظل أمك في البيت محاطة بكل رعاية.
ودعا الله في سره ألا تبكي، وتمتم: إنه بلاء، ولكني أدفع عن نفسي ما هو أشد.
ونظرت في عينيه بنظرة حزينة جدا، وقالت: ولكنك قلت لي: لا.
Página desconocida