وقد نأى المصنف بقولته تلك عن منهج أهل السنة والجماعة، وسلك مسلك المتكلمين والمعطلين وجنح عن الصراط البيِّن القويم، والأصل في هذا الباب أن يوصف اللَّه تعالى بما وصف به نفسه، وبما وصفته به رسله نفيًا وإثباتًا، فيثبت للَّه ما أثبته لنفسه، وينفى عنه ما نفاه عن نفسه، وقد عُلم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها؛ إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف
ولا تعطيل وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه -مع ما أثبته من الصفات- من غير إلحاد لا في أسمائه ولا في آياته (١).
وقد تعقب شيخ الإسلام هذه الأصول الثلاثة التي شغب بها الأشاعرة وأبطلها، فقال في جملة ذلك: مذهب أهل الحديث - وهم السلف من القرون الثلاثة ومن سلك سبيلهم من الخلف-: أن هذه الأحاديث تُمَرُّ كما جاءت، ويؤمن بها، تصدق، وتصان عن تأويل يفضي إلى تعطيل، وتكييف يفضي إلى تمثيل.
وقد أطلق غير واحد ممن حكى إجماع السلف -منهم الخطابي-: مذهب السلف: أنها تجرى على ظاهرها مع نفي الكيفية والتشبيه عنها.
وذلك أن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات، يحتذى حذوه ويتبع فيه مثاله، فإذا كان إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات الصفات إثبات وجود لا إثبات كيفية فنقول: إن له يدًا وسمعًا، ولا نقول: إن معنى اليد القدرة، ومعنى السمع العلم.
ثناء العلماء عليه:
قال أخوه عز الدين أبو الحسن صاحب الكامل (٢).
كان عالمًا في عدة علوم مبَّرزًا فيها، منها الفقه والأصولان والنحو والحديث واللغة، وله تصانيف مشهورة في التفسير والحديث والنحو والحساب وغريب الحديث، وله رسائل مدونة، وكان كاتبًا مفلقًا يضرب به المثل، ذا دين متين،
_________
(١) انظر التدميرية ص ٧.
(٢) الكامل في التاريخ (١٢/ ٢٨٨).
1 / 13