Poeta Andalusí y un Premio Mundial
شاعر أندلسي وجائزة عالمية
Géneros
ولهذا يلاحظ أن الأدب المسمى بالأدب الموجه أو الأدب الهادف يفقد أنصاره من القائلين والمستمعين معا بعد الحرب الأهلية وبعد الحرب العالمية الثانية؛ لأن محاولات التوفيق بين التراث الإسباني وبين مطالب الحياة الحديثة في كل وجهة من تلك الوجهات المتعددة لم تحقق أملا من الآمال، ولم تسفر عن يقين يؤمن به طلاب التغيير والتجديد، ويكاد الساخطون ينشدون الرضا اليوم في أحضان الطبيعة وفي وداعة الفطرة، وينظرون في ريب شديد إلى تلك «الطوبيات» التي يتصدى لقيادتهم إليها دعاة الخطط والأهداف.
وبينما تظهر هذه الأسماء والعناوين وتحتجب، وبينما يتفق عليها الدعاة ويختلفون، كانت النفس الإسبانية الكامنة في أعماقها تواصل الترجمة عن نفسها بنشيدها العريق، الذي تعيد وتبدئ فيه على نغمتين خالدتين؛ لأنهما نغمة الحب والعبادة، نغمة المناجاة والصلاة، أو نغمة الحياة والخلود، وكانت الموشحة الريفية - أداة هذا الفن المطبوع - تزدهر في إبان عصر الاضطراب والجيشان بين منتصف القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين؛ لأنه العصر الذي ابتعث كوامن الأمة من الأعماق، وقد سيقت شعوب الأقاليم خلال هذه الفترة إلى التآلف والاقتراب لاشتراكها في المحنة وفي المرافق الوطنية أمام السلطان الأجنبي والحوادث العالمية فاتصلت جليقية بقسطيلة، وانتقلت أغاني الريف بلهجتها الساذجة إلى الحاضرة الكبرى على يد شاعرة من الأقاليم أقامت في مدريد وفارقت موطنها، ولم يفارقها الحنين إليه ولا إلى ألحانه وموشحاته؛ لأن موشحات جليقية كما قالت: «كلها موسيقى، وخفاء، وشكاية، وتنهد، وابتسام لطيف.»
هذه الشاعرة روزاليا كاسترو ولدت سنة 1837 وتوفيت سنة 1885، وكان مولدها ببلدة سنتياجو دي كومبستلا من بلاد جليقية، ومقامها بمدريد أكثر أيامها من نشأتها إلى وفاتها، وقد ولدت أم نبيلة لم تتزوج، فدفعتها إلى امرأة فلاحة تربيها بين أسرتها الفقيرة بإشراف أمها، وقد نظمت الشعر باللهجة الجليقية وباللغة الإسبانية، فكانت حياتها كلها موافقات عجيبة للتقريب بين الأطراف المتقابلة والنقائض التي لا بد لها من التجاور والمصاحبة.
أخذت بزمام مولدها من بواكير عصر الثورة إلى إبان حومتها قبل مطلع القرن العشرين، وعرفت بنشأتها وتربيتها معيشة القصور ومعيشة الأكواخ، فاستطاعت أن تنصف الفقير المحروم دون أن تلوث سريرتها بعداوة الميسر المجدود، بل استطاعت أن تعرف تقاليد المجتمع كما تعرف خبايا النفاق فيه ومدارج الخروج على تقاليده وقيوده، وكانت - بما نظمته في لغة إقليمها ولغة الأمم الإسبانية في موطنها وديار هجرتها - صلة حية توافق دواعي الوحدة القومية التي نشطت مساعيها من مطلع القرن إلى ختامه، ومما لا ريب فيه أن مكانتها التي كسبتها بهذه الموافقات العجيبة كان لها شأنها في تعميم قدوتها بين بنات جنسها في الشعوب الإسبانية وراء البحار، كما كان لها هذا الشأن في تنبيه الأذهان إلى استماع صوت الفقير المحروم في أندية الأدب الرفيع والفن المهذب، فتفتحت الأسماع بعد شيوع دواوينها للإصغاء إلى نوابغ الشعراء من أبناء الفقراء وأواسط الموسرين من غير النبلاء. وقد نبغت على آثارها فئة من الشواعر في أمريكا الجنوبية نالت إحداهن جائزة نوبل كما تقدم، ونبغت بعد جيلها فئة من أبناء الطبقة الفقيرة التي ندر قبل ذلك أن تنجب شاعرا يقرأ له كلام في الصحف السيارة والكتب المنشورة، ومن هؤلاء فكتوريو كريمر
Cremer
الذي بدأ حياته ببيع الصحف في الطرقات، ومانولو بيلارز
الذي بدأ حياته عاملا في منجم، ومنهم جوزيه هييرو
Hierro ، وكارلوس سالمون
Salomon ، وجوليو ماروري
Maruri
Página desconocida