158

El Señor Presidente

السيد الرئيس

Géneros

وكتبت إلى قنصل بلدها في نيويورك، وإلى الوزير المفوض بالسفارة في واشنطن، وإلى صديقة إحدى صديقاتها، وإلى صهر أحد أصدقائها، تطلب أنباء عن زوجها، ولكنها كانت كأنما تلقي خطاباتها في سلة المهملات وليس في صناديق البريد. وسمعت من بقال يهودي أن السكرتير المحترم للمفوضية الأمريكية - وهو مخبر سري إلى جانب عمله كدبلوماسي - لديه أنباء مؤكدة عن وصول ذي الوجه الملائكي إلى نيويورك. ولم يقتصر الأمر على وجود سجلات رسمية في الميناء والفندق وملفات الشرطة تثبت وصوله إلى نيويورك، بل إن الصحف قد نشرت أنباء وصوله، وأكد ذلك الناس الذين عادوا مؤخرا من هناك.

وقال لها اليهودي: «إنهم يبحثون عنه الآن، ولا بد أن يعثروا عليه، حيا أو ميتا، رغم أنه قد استقل فيما يبدو سفينة أخرى من نيويورك إلى سنغافورة».

وسألت: وأين تقع هذه السنغافورة؟

فأجاب اليهودي بتكة من أسنانه الصناعية: «وأين تظنينها تقع؟ إنها في الهند الصينية».

فاستطردت تلح قائلة: وكم يستغرق الخطاب في الوصول من هناك إلى هنا؟ - لا أعرف بالضبط، ولكن لا أكثر من ثلاثة شهور.

وأحصت على أصابعها. لقد رحل ذو الوجه الملائكي منذ أربعة شهور.

إنه في نيويورك أو في سنغافورة. لقد انزاح حمل ثقيل من على ذهنها. يا لها من راحة كبرى أن تفكر فيه بعيدا، وأن تعرف أنه لم يقتل في الميناء كما أشاع البعض، وأنه رغم كونه بعيدا عنها في نيويورك أو في سنغافورة فإنه يفكر فيها طول الوقت!

وأمسكت بالحافة في حانوت اليهودي حتى لا يغمى عليها. كان فرحها جعلها تشعر بالدوار. وخرجت كأنها تمشي على الهواء، أو كأنها بين ذراعي زوجها في بلد جديد، مخلفة وراءها لحم فخذ خنزير ملفوفة في الورق المفضض، والزجاجات وسط القش الإيطالي، وعلب المربى، والشيكولاتة، والتفاح، والرنجة، والزيتون، والسمك المجفف، والعنب الموسكاتي، مع خروجها من محل البقال. «كم كنت بلهاء أن أعذب نفسي على هذا النحو! إني أفهم الآن السر في عدم كتابته لي، ويجب علي أن أمضي في تمثيل دور المرأة التي هجرها زوجها والتي أعمتها الغيرة وتسعى إلى العثور على الرجل الذي تركها، أو دور الزوجة التي تريد زوجها إلى جوارها خلال محنة الولادة الصعبة».

وحجزت قمرة في إحدى السفن وحزمت حقائبها. وكان كل شيء جاهزا لسفرها حين رفضوا إعطاءها جواز سفر. ثمة فتحة ممتلئة بالأسنان الملطخة بالنيكوتين محاطة بإطار من اللحم المنتفخ تحركت من أعلى إلى أسفل، ومن أسفل إلى أعلى، لتخبرها أن أوامر قد صدرت بعدم إعطائها جواز سفر. وحركت هي شفتيها من أعلى إلى أسفل، ومن أسفل إلى أعلى، في محاولة لتكرار العبارة كأنما هي قد سمعت خطأ.

وأنفقت مالا وفيرا على برقيات بعثتها إلى الرئيس. ولم يصل رد. ولم يقدم لها المسئولون الحكوميون أية معونة. ونصحها وكيل وزارة الحربية، وهو رجل سمح بطبعه مع النساء، بألا تلح في هذا الموضوع، فليس هناك من جهد يمكن أن يسفر عن إعطائها جواز سفر، وقال إن زوجها قد حاول اللعب على السيد الرئيس، وأن الأمر ميئوس منه.

Página desconocida