قامت آخر أولادها وهي « الشيماء » بحضانة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضا :
وقد كان من عادة العرب يومذاك هو أن يدفعوا أولادهم الرضعاء إلى المراضع اللائي كن يعشن في البوادي لينشأوا في تلك البيئات المعروفة بطيب هوائها ، وقلة رطوبتها ، وعذوبة مائها ببنية قوية ، هذا مضافا إلى صيانتهم عن خطر الوباء الذي كان يهدد الأطفال في « مكة » ، ولأن ذلك كان له مدخل عظيم ، وتاثير بليغ في فصاحة المولود لسلامة لغة أهل القبائل الساكنة في البوادي آنذاك.
وكانت مراضع بني سعد من المشهورات بهذا الأمر بين العرب ، فقد كانت نساء هذه القبيلة التي كانت تسكن حوالي « مكة » ونواحي الحرم يأتين « مكة » في كل عام في موسم خاص يلتمسن الرضعاء ويذهبن بهم إلى بلادهن حتى تتم الرضاعة.
وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد تجاوز شهره الرابع لما قدمت نساء من بني سعد « مكة » يلتمسن الرضعاء في سنة جدب وقحط ، ولهذا كن بحاجة شديدة إلى مساعدة أشراف « مكة » واعيانها.
ويقول بعض المؤرخين : أنه لم تقبل أية واحدة من تلك المراضع أن تأخذ « محمدا » بسبب يتمه ، وقد كان اغلبهن يردن أن تأخذن من يكون له أب حي حتى يغدق عليهن بالمساعدات والصلات ، وحتى « حليمة » هي الاخرى أبت أخذه ، ولكنها ايضا لم تحصل على طفل لهزال جسمها ، فاضطرت إلى أن تأخذ حفيد « عبد المطلب » وقالت لزوجها : والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلاخذنه ، فقال لها زوجها : لا عليك ان تفعلي ، عسى الله ان يجعل لنا فيه بركة.
ولقد اصاب الزوجان في ظنهما هذا ، فمنذ أن أبدت « حليمة » استعدادها لخدمة ذلك اليتيم شملت الالطاف الالهية كل مجالات حياتها (1).
إن القسم الأول من هذه القصة ليس سوى اسطورة ، لأن مكانة البيت
Página 216