لقد خرج « إبراهيم » من الغار ، مؤمنا بالله بفطرته ، وقوى توحيده الفطري ، بمشاهدة الأرض والسماء ، والنظر في سطوع الكواكب والنجوم والتأمل في ما يجري في عالم النبات من نمو وحركة إلى غير ذلك مما يجري في عالم الطبيعة العجيب.
لقد واجه إبراهيم عليه السلام بعد خروجه من الغار جماعة من الناس بهرتهم أحوال الكواكب وعظمة أمرها ، ففقدوا عقولهم تجاه هذه الظاهرة ، كما راى جماعة اخرى أحط فكريا من سابقتها يعبدون اصناما منحوتة ، بل واجه ما هو اسوأ بكثير من أعضاء الطوائف والجماعات الضالة إذ رأى رجلا يستغل جهل الناس وغبائهم ويدعي الالوهية ويفرض عليهم عبادته والخضوع له!!
لقد كان إبراهيم عليه السلام يرى أن عليه أن يهيئ نفسه لخوض المعركة في هذه الجهات الثلاث المختلفة ، وقد نقل القرآن الكريم قصة نضال النبي « إبراهيم » عليه السلام في هذه الاصعدة والجبهات الثلاث وسننقل لك في ما يأتي وباختصار ما ذكره القرآن في هذا المجال.
إبراهيم ومكافحته للوثنية :
كانت ظلمات الوثنية قد خيمت على منطقة بابل ( موضع ولادة الخليل ) برمتها.
فالآلهة المدعاة ، والمعبودات ( السماوية والارضية ) الباطلة قد سحرت عقول مختلف فئات الشعب ، فبعضها في نظرهم هي أرباب القدرة والسلطة ، وبعضها الآخر وسيلة الزلفى والتقرب إلى الله إلى غير ذلك من التصورات السخيفة في هذا الصعيد.
وحيث أن طريقة الأنبياء في هداية البشرية وارشادهم هي الاستدلال بالبراهين ، والاحتجاج بالمنطق ، لانهم إنما يتعاملون مع قلوب الناس وعقولهم ، ويبتغون ايجاد حكومة تقوم على أساس الإيمان واليقين ، ومثل هذه الحكومة لا يمكن اقامتها بالسيف أو بالنار والحديد. لهذا يبدأون حركتهم بالتوعية الفكرية.
إن علينا أن نفرق بين الحكومات التي يريد الأنبياء تأسيسها ، وحكومة
Página 123