Sayf Muhannad
al-Sayf al-muhannad fi sirat al-Malik al-Muʾayyad
Géneros
أيامه فتحت : الطالقان ، وبلخ ، ومرو الرود ، وغير ذلك ثم قتل عثمان رضى الله عنه بعد قصة طويلة ، يوم الجمعة فى آخر ساعة منها ، لئمانى عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ، وقيل قتل يوم النحر منها كم تولى على رضى الله عنه بعد أمور كثيرة ، وأول من بايعه طلحة بن عبد الله بيده اليمى ، وكانت شلاء من يوم أحد ، وقى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال بعض القوم : والله لايتم هذا الأمر ، وكان كذلك ، وهرب خلق كثير من المدينة ، ولم يبايعوا عليا رضى الله عنه ، ولم يبايعه غالب أهل الأمصار ، حتى معاوية فى الشام ، ثم وقعت فى أيامه وقعة الجمل ، وكانت فى سنة ست وثلائين ، قتل فيها خلق كثير ، ثم وقعت وقعة صفين ، وكانت وقعة عظيمة مشهورة في الإسلام ، وكان مع على رضى الله عنه مائة وخمسون ألفا من أهل العراق ، وكان مع معاوية مائة وثلائون ألفا من أهل الشام ، وكان القتال بينهم سبعة أشهر ، وقيل تسعة أشهر ، وقتل من أهل الشام خمسة وأربعون ألفا ، ومن أهل العراق خمسة وعشرون ألفا ، وكانوا يدفنون في القبر الواحد خمسين نفسا ، وكان مع كل من الفريقين جماعة من الصحابة رضى الله عنهم ، ثم افترقوا برفع أهل الشام المصاجف ،
ثم حكموا حكمين وهما ، عمرو بن العاص ، وأبو موسى الأشعرى ، ثم وقع الأمر لمعاوية ، وخالف أهل العراق عليا ، ولم يزل فى اضطراب أمر [ إلى ] أن قتل يوم الجمعة سخر لسيع عشرة خلت من رمضان سنة أربعين ، ودفن بالكوفة ، وغبى قبره رضى الله عنه ، ثم بايع أهل العراق ، الحسن ابن على رضى الله عنهما ، ولم يتم له الأمر حتى سلم الأمر لمعاوية بن أبى سفيان رضى الله عنهما ، وإنما ذكرنا هذا شاهدا لما ذكرنا .
وأما بيان أحوال سلاطين الترك ، فأول من ملك منهم السلطان الملك المعز أيبك التركمانىي ، فإنه لم يتول إلا بعد قتل الملك المعظم تورانشاه ابن الملك الصالح ، وبعد عزل شجر الدر حظية الملك الصالح من السلطنة ، وكانت قد تولت السلطنة مدة ثلائة أشهر ، فلما تولى الملك المعز فى أيام الفتنة ، وتحرك التتر لم ينتعش بالسلطنة وكذلك المظفر قطز ماتولاها إلا في أيام الفتنة ، وتوجه هلاون إلى الشام ، وبعد عزل الملك المنصور نور الدين على ابن المعز أيبك ، وكذلك الملك الظاهر بيبرس البندقذارى ماتولاها إلا بعد قتل المظفر ووقوع الهرج ، وكذلك الملك المنصور قلاون ماتولاها إلا في أيام الفتنة : أعنى فتنة التتر ،
وبعد عزل الملك العادل بدر الدين سلامش بن الظاهر ، وفتنة سنقر الأشقر الذى تولى السلطنة بدمشق وتلقت بالملك الكامل ، وكذلك الملك العادل زين الدين كتبغا ما تولى السلطنة إلا بعد خلع الناصر محمد بن قلاون ، وبعد وقوع فتنة كبيرة من مماليك الأشرف خليل ، وكذلك المنصور لاجين ماتولى السلطنة إلا بعد فتتة كبيرة من جهة عزل العادل ، وكذلك الملك المظفر بيبرس الجاشنكير ماتولأها إلا بعد خلع الناصر نفسه عن السلطنة لما سافر إلى كرك في سنة تمان وسبعمائة لأجل الفتن ، وعدم تمشية أمره مع العسكر ، وكذلك الملك الظاهر برقوق ماتولى السلطنة إلا بعد عزل الصالح أمير حاج ابن الأشرف ، وبعد وقوع فتن كثيرة من جهة مملوكه إيتمش الخاصكى ، وكان قد اتفق مع مماليك الأسياد وبكا الأشرف على قتل الظاهر فأعلمه الله تعالى ذلك ، وحبسهم فى خزانة الشمايل ، وهم خرسة وستون نفسا ، منهم كزل الخططى ويلبغا الخازندار ، ثم مسك الأبغا الدوادار العثماني أحد المقدمين بالديار المصرية وسجنه ، ثم بعد هذه
الفتن تولى السلطنة يوم الأربعاء التاسع عشر من رمضان سنة أربع وتمانين وسبعمانة ومنها أن مولانا السلطان الملك المويد - خلد الله ملكه أصيل بالنسبة إليهم ، بيان ذلك : أن المعز أصله من التركمان ولم يعرف له غير ذلك ، وأن الملك المظفر قطز أصله من الترك غير معروف حتى قال بعضهم إنه من أولاد الناس ، واسمه محمود بن مودود بن خوارزام شاه ، فإن كان هذا صحيحا فلا يكون داخلا فيما نحن فيه ، وأما الظاهر بيبرس فإن أصله قفجاق ، وقيل من برج أعلى وليس مشهورا بالآصالة ، وقيل إنه من الأرمن ، فانظر إلى هذا الاختلاف .
وأما المنصور قلاون فإن أصله من خالصة القبجاق ، وقيل من تركمان قزعلى ، وأما العادل كتبغا فإن أصله من التتر غير معروف ، وأما المنصور لاجين فإن أصله من الجركس ، وليست قبيلته بمشهورة ، وقيل من التتر، وأما المظقر بيبرس فإن أصله من التتر ، وقيل من الجركس ، وقيل غير ذلك ، وهو أيضا ليس بمشهور على الصحيح ، وأما الظاهر برقوق فإن أصله من جركس كشا ، ولا يقارب جنس مولانا السلطان الملك المويد - خلد الله ملكه - ولا غيره من هؤلاء السلاطين يقارب جنس السلطان المويد - خلد الله ملكه - لأنا قد ذكرنا
أن جنسه من كرموك ، وهو أشرف بطون الجراكسة ولا سيما هو من ذرية الملوك ، وممن اختلط في نسبهم غرب غسان ومنها أن كل واحد من هؤلاء السلاطين تولى السلطنة من غير أن يسبق له حكم ، وقبل أن يعرف أحوال بلاده وأحوال رعيته ، بخلاف مولانا السلطان المويد - خلد الله ملكه - فإنه قد تولى النيابات في البلاد الشامية ، وظهرت له حكومات.
وتقدمت له [الأوامر] والنواهي ، فأول ما حكم في مدينة طرابلس ، ثم تولى ذمشق وبلادها ، ثم تولى حلب وبلادها ، وكذلك حكم فى مدينة صفد ، ومدينة كرك ، ثم حكم فى الديار المصرية أميرا كبيرا ، ثم تولى السلطنة ، وعرف أحوال الناس والرعية من سائر الأصناف ، ولا تجق السلطنة إلا لمثل هذا ومنها أن مولانا السلطان - خلد الله ملكه - شارك هولاء السلاطين في أوصافهم الحسنة وفاق عليهم ، بيان ذلك ، أن المعز كان مشهورا بالجلم مع قلة التيقظ ، ومولانا السلطان الملك المويد مشهور بالجلم مع اليقظة والحزم . وأن المظفر قطز كان مشهورا بمحبة العلماء والسنة ، ومولانا السلطان كذلك مشهور ، بل أعظم منه ، فإن إحسانه إلى العلماء ، ولا سيما القادمين منهم من البلاد شىء لأيوصف ، ولا سبقه إليه أحد ، ومن جملة ماشاهدنا من ذلك ، أن الشيخ
شمس الدين الشهير بالعدوى كان قد قدم إلى الديار المصرية في أواخر ربيع الأول من سنة تمانى عشرة وثمانمائة لزيارة مولانا السلطان - خلد الله ملكه - ، فوجد قبولا عظيما وإحسانا جسيما ، والتعظيم الذى فعله مولانا السلطان في حقه لم يوجد من ملك قبلة لعالم قدم إليه ، وكذلك المرتبات التي رتبها له لم يرتبها أحد مثله لمثله وأما الظاهر بيبرس فإنه كان مشهورا بالعزوات مع الفرنج ، ووطىء أرض الروم حتى قيسارية ، فكذلك مولانا السلطان المويد - خلد الله ملكه - اشتهرت له غزوات مع الفرنج بالسواحل الشامية ، وأنه وطىء بلاد الروم أميرا وسلطانا ، ووطىء الأراضى الفرائية أيضا . ولم يصل إلى بلاد الروم من السلاطين غير الظاهر بيبرس ومولانا السلطان المويد وأما السلطان المنصور قلاون فإنه كان مشهورا بالصورة الحسنة ، والبهاء والجمال ، وعلو الهمة ، استدلالا بالمارستان الذى بناه بين القصرين ، فكذلك مولانا السلطان المويد - خلد الله ملكه - صاحب صورة جميلة ومنظر حسن بهيج وبهاء ، وبسطة جسم ، وحسن قامة ، وعلو همة ، والدليل على ذلك ، شروعه فى بناء مدرسة إذا تمت - إن شاء الله تعالى - تفوق سائر المدارس
وأما العادل كتبغا فإنه كان مشهورا بالخير ، وبسط العدل ، والحكم بين الناس ، فكذلك مولانا المويد- خلد الله ملكه - مشهور بالخير والصدقات إلى أهل العلو والفقراء ، وتفرقة الأموال الكثيرة على قراء الحديث والمصاحف ، والدليل عليه : أنه أعطى لقارى الطحاوى وسامعيه من الذهب المصرى مائة وخمسين ، ما قيمته من القلوس الجدد خمسة وثلاثون ألف درهم ، وكان الملك الذى قبله يصرف لهم من الفلوس الجدد مبلغ أربعة آلاف درهم وأما المنصور لاجين فإنه كان مشهورا بقلة الأذى للناس فكذلك مولانا السلطان المويد- خلد الله ملكه - مشهور بذلك ، فإن الناس أمنوا في أيامه على أنفسهم وأموالهم وأما المظفر بيبرس فإنه مشهور بعلو الهمة استدلالا بالخانقاه التي أنشأها داخل باب النصر ، فكذلك مولانا السلطان الملك المويد كما ذكرنا .
Página desconocida