أما بعد:
فإنه لا منة علينا لأحد بعد الله كما لهذا النبي الكريم، ولا فضل لبشر سواه علينا كفضله العميم، إذ به هدانا الله إلى الصراط المستقيم، ووقانا من حر نار الجحيم.
قال تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم (١٢٨» [التوبة: ١٢٨].
به حصلت لنا مصالح الدنيا والأخرة، وأسبغ الله علينا نعمه باطنة وظاهرة، وبصرنا بعد العمى، وهدانا بعد الضلال، وعلمنا بعد الجهل، وبه - إن شاء الله - نرجو الأمن بعد الخوف.
اختبأ لنا دعوته شفاعة لنا يوم القيامة، وسأل الله لنا ما لا تبلغه أمنيتنا من أنواع الكرامة، فكيف نقوم بشكره؟! أو نقوم من واجب حقه بمعشار عشره!
فلذلك - ولما له عند الله من المرتبة العلية - أوجب علينا تعظيمه وتوقيره ونصرته ومحبته والأدب معه، فقال تعالى: (إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا (٨) لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه) [الفتح: ٨ - ٩].
وقال تعالى: (إلا تنصروه فقد نصره الله) [التوبة: ٤٠].
وقال تعالى:/ (النبي أولى بالمؤمنين من أنسهم) [الأحزاب: ٦].
وقال تعالى: (يا أيها الذين أمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون (٢) إن الذين
1 / 109