210

Caza del pensamiento

صيد الخاطر

Editorial

دار القلم

Edición

الأولى

Ubicación del editor

دمشق

فَإِنْ عُجِّلَ، سطرته، وإن أخر، فما أشك في حسن الجزاء لمن خاف مقام ربه؛ فإنه من ترك شيئًا لله، عوضه الله خيرًا منه.
والله، إني ما تركته إلا لله تعالى، ويكفيني تركه ذخيرة، حتى لو قيل لي: أتذكر يومًا آثرت الله على هواك؟ قلت: يوم كذا وكذا.
فافتخري أيتها النفس بتوفيقك، واحمدي من وفقك، فكم قد خذل سواك! واحذري أن تخذلي في مثلها! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
٦٥٣- وكان هذا في سنة إحدى وستين وخمس مائة، فلما دخلت سنة خمس وستين١، عوضت خيرًا من ذلك بما لا يقارب مما لا يمنع منه ورع ولا غيره؛ فقلت: هذا جزاء الترك لأجل الله سبحانه في الدنيا: ﴿وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ﴾ [يوسف: ٥٧]، والحمد لله.

١ أي سنة "٥٦٥ هـ".
١٣٩- فصل: المحنة على من طلب اللذة من طريق الحرام
٦٥٤- لا أنكر على من طلب لذة الدنيا من طريق المباح؛ لأنه ليس كل أحد يقوى على الترك. إنما المحنة على من طلبها، فلم يجدها أو أكثرها إلا من طريق الحرام، فاجتهد في تحصيلها، ولم يبال كيف حصلت. فهذه المحنة التي بخس العقل فيها حقه، ولم ينتفع صاحبه بوجوده؛ لأنه لو وزن ما آثر وعقابه، طاشت كفة اللذة، التي فنيت عند أول ذرة من أجزائها.
٦٥٥- وكم قد رأينا ممن آثر شهوته، فسلبت دينه! فليعجب العاقل حين التصفح لأحوالهم، كيف آثروا شيئًا ما أقاموا معه، وصاروا إلى عقاب لا يفارقهم؟! فَاللهَ اللهَ في بخس العقول حقها! ولينظر السالك أين يضع القدم، فرب مستعجل وقع في بئر بوارٍ، ولتكن عين التيقظ مفتوحة، فإنكم في صف حرب، لا يدري فيه من أين يتلقى النبل، فأعينوا أنفسكم، ولا تعينوا عليها.

1 / 212