El sonido de las profundidades: lecturas y estudios en filosofía y psicología
صوت الأعماق: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
Géneros
وكانت الأرض كلها لغة واحدة وكلاما واحدا، وكان أنهم لما رحلوا نحو المشرق وجدوا بقعة في أرض شنعار فأقاموا هناك، وقال بعضهم لبعض نصنع لبنا وننضجه طبخا، فكان لهم اللبن بدل الحجارة والحمر كان لهم بدل الطين، وقالوا تعالوا نبن لنا برجا رأسه إلى السماء ونقم لنا اسما كي لا نتبدد على وجه الأرض كلها. فنزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو آدم يبنونهما، وقال الرب هو ذا هم شعب واحد ولجميعهم لغة واحدة وهذا ما أخذوا يفعلونه، والآن لا يكفون عما هموا به حتى يصنعوه. هلم نهبط ونبلبل هناك لغتهم حتى لا يفهم بعضهم لغة بعض. فبددهم الرب من هناك على وجه الأرض كلها وكفوا عن بناء المدينة؛ ولذلك سميت بابل؛ لأن الرب هناك بلبل لغة الأرض كلها، ومن هناك شتتهم الرب على كل وجهها. [التكوين، الإصحاح الحادي عشر]
بالفلاسفة ولع قديم باللغة، ومنذ نشأة الفلسفة أدرك الفلاسفة أهمية اللغة وارتباطها الوثيق بالفكر. وبحلول القرن العشرين أصبحت اللغة مبحثا فلسفيا محوريا قائما بذاته. لقد بات واضحا للجميع أن أفضل طريقة لحل شتى المشكلات الفلسفية (أو تبديدها على أنها غير مشكلة!) هو أن نلتفت إلى اللغة التي صيغت بها هذه المشكلات ونعيرها انتباها شديدا. هذا الوعي المتنامي باللغة والاعتماد المتزايد على التحليل اللغوي بين فلاسفة عصرنا، هو ما صار يعرف ب «المنعطف اللغوي» و«الانقلاب اللغوي»
the linguistic turn .
هناك أسباب كثيرة جعلت للغة هذه الأهمية المتزايدة بالنسبة للفلسفة، أولها أن مفاهيمنا وأفكارنا، وإن تكن تؤدى أحيانا بدون استخدام أي لغة، هي في أغلب الأحوال مرتبطة باللغة ارتباطا وثيقا. لقد تكشف لنا الآن أن اللغة هي مخزون هائل من «المقولات»
categories (أي التصنيفات الفئوية) و«المفاهيم/التصورات»
concepts
يتعذر بدونه أي تفكير ثري معقد؛ ذلك بأن ما أشيع عن اللغة فيما سلف من أنها مجرد أداة للتعبير عن الفكر لم يعد رأيا مقبولا.
21
ثمة موقفان على طرفي نقيض يشغلان النظرية اللغوية منذ أمد طويل، ويشغلان كل عقل تأمل العلاقة بين اللغة والفكر. يقال للموقف الأول «نظريات القالب»
mould theories ، وهي تمثل اللغة على شكل قالب تلقى فيه مقولات الفكر فتتخذ منه صورتها وهيئتها، ويقال للموقف الثاني «نظريات العباءة»
Página desconocida