في قلوبهم، وجب عليهم تصديقه فيما أنباهم من الغيوب ودعاهم إليه من وحدانية الله ﷿ وإثبات صفاته وسائر شرائط الإسلام وعلى أنا لا ننكر النظر قدر ما ورد به الكتاب والسنة لينال المؤمن بذلك زيادة اليقين وثلج الصدور وسكون القلب.
وإنما أنكرنا طريقة أهل الكلام فيما أسسوا، فغنهم قالوا أوال ما يجب على الإنسان النظر المؤدي إلى معرفة الباري ﷿، وهذا قول مخترع، لم يسبقهم إليه أحد من السلف وأئمة الدين، ولو انك تدبرت جميع أقوالهم وكتبهم لم تجد هذا في شيء منها منقولًا من النبي "ﷺ" ولا من الصحابة، وكذلك من التابعين بعدهم وكذلك يجوز أن يخفى عليهم أول الفرائض، وهم صدر هذه الأمة، والسفراء بيننا وبين رسول الله "ﷺ" ولئن جاز أن يخفى العرض الأول على الصحابة والتابعين حتى لم يبينوه لأحد من هذه الأمة مع شدة اهتمامهم بأمر الدين، وكان عنايتهم، حتى استخرجه هؤلاء بلطف فطنتهم في زعمهم. فلعله خف عليهم فرائض آخر، ولئن كان هذا جائزَا، فلقد ذهب الدين فاندرس، لأنا إنما نبني أقوالنا على أقوالهم. فإذا ذهب الأصل، فكيف يمكن البناء عليه. نعوذ بالله من قول يؤدي إلى هذه المقالة الفاحشة القبيحة، التي تؤدي إلى الانسلاخ من الدين، وتضليل الأئمة الماضين.
هذا وقد تواترت الأخبار أن النبي ﷺ، كان يدعو الكفار إلى الإسلام والشهادتين. قال ﷺ لمعاذ ﵁ حين بعثه إلى اليمن ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله. وقال ﷺ أيضًا: أمرت أنت أقاتل الناس؛ حتى يقولوا لا إله إلا الله؛ وقال ﷺ أيضًا: إذا نازلتم أهل حصن، أو مدينة فادعوهم إلى شهادة لا إله إلا الله، ومثل هذا كثير.