78

غير أنه لاحظ أن سارة لم تؤخذ بجمال الفتاة كما أخذت بنوع جمالها، فلو كانت أجمل مما هي مائة مرة وكانت تشبه سارة في بضاضتها لما راعها أن تعثر بصورتها هناك تلك الروعة التي بدرت منها في صيحتها العابسة، لكن الفتاة هيفاء، وجميلة الهيف، وليس فيها ما يعيب بعض النحيفات من هزال وقلة اعتدال، وطلعتها مع ذلك طلعة راقصة كسائر أوصالها تكاد تنضح بالخفة والنغم.

وقد كانت نوبة النحافة والتنحيف يومئذ في بدايتها وفي إبانها، وكانت سارة تروض بدنها رياضة قاسية لتخف وتستوي على طراز لجمال الحديث، فكان هذا جميعه مما ضاعف اهتمامها بالفتاة وألهب فضولها.

قالت: وفيم تحتفظ بها؟

قال: صورة فنية جميلة، كأنها تمثال، كأنها تحفة.

قالت وهي تنظر إلى توقيع الفتاة وخطها الركيك: ولماذا هذا التوقيع؟ ولما لم تقرنها بثانية وثالثة ورابعة؟ أهي الراقصة الوحيدة التي راقك جمالها؟

قال: إن كان لا يقنعك إلا مجموعة كاملة من صور الراقصات فليس في الأمر صعوبة ... ثم قال: لو علمت يا خبيثة مقدار ما وهبك الله من حدة الذكاء لأنفت أن تغاري من صاحبة هذه الصورة وأنت ترين «أميتها» ماثلة في خطها.

قالت: أوتظن أنني أبتهج بأن تحبني لحدة ذكائي وتحب هذه الراقصة لما ... لما لست أدري ما أنت واجد فيها؟

قال: أنا لا أحبها.

قالت: أصحيح؟ إذن هل أنا في حل من تمزيق الصورة؟

قال: لا أمنعك ولكنها خسارة.

Página desconocida