52

فلما سألته: هل تصدق معجزاتها؟ قال: نعم ... أصدق أنها صنعت المعجزات، وجاءت بخوارق العادات، ولكنها معجزات إنسانية لها أسباب إنسانية، وإن تضاربت فيها أقوال المفسرين من المؤمنين وغير المؤمنين.

ثم قال: والفرق بعيد مع هذا بين شاهد يقص ما تراه العين وشاهد يقص ما يخيله له الإيمان ... فشاهد العين مصدق، وشاهد الإيمان لا يلزمنا تصديقه إلا إذا جاريناه في إيمانه.

قالت: هذا قميص الكتاف يا أخي! هذا قميص الكتاف! •••

ومن الصعب أن تفهم ما يرضيها إذا اتهمت أمامك أخلاق الناس جميعها وراحت تقدح في دعاوي الصداقة والوفاء والفداء، فليس يرضيها أن تكون على رأيها لأنها تحب الرجل أريحيا ذا نخوة وحماسة وطموح إلى عظائم الآمال والرغائب، وتصديق بالوفاء والفداء.

وليس يرضيها أن تناقضها وتضطرها إلى التسليم؛ لأن الإكراه مكروه على كل حال.

ولكنها إذا كانت تجاري طبيعة المرأة في حب الجدل والثرثرة والعناد فهي تجاري طبيعة المرأة أيضا في إعجابها بطموح الرجل وصلابته وأحلامه، وربما استراحت إلى الشعور بقوة عقله كما تستريح إلى الشعور بكل بأس فيه، فما كان يدري همام هل يناقضها أو يجاريها فيما تقول ... وتلك حيرة يعالجها كل من عالج النساء.

قصت عليه مرة قصة صديق لزوجها أرسله إليها «وسطاء الخير» ليسفر في الصلح بينها وبينه.

قالت: فهل تدري ما صنع؟ إنه جاء يغازلني ينفخ في جمرة الغضب بيني وبين زوجي!

ثم قالت: ما أكذب الصداقة في هذه الدنيا!

قال همام وقد أراد أن يعابثها ويسليها: إن صاحبنا لمعذور، وإن الإغراء بالخيانة لعظيم ... فليت جميع الأصدقاء لا يخونون إلا بإغراء كهذا الإغراء.

Página desconocida