68

فقال يوري: «تالله ما أسخفك! أوتظن أني لا أعرف ماذا ينبغي أن أحيا له وبمن أؤمن؟ من المحتمل أن أقبل بسرور أن أصلب إذا اعتقدت أن موتي ينقذ العالم ويخلصه. ولكني لا أعتقد هذا. ومهما يكن ما أصنع فلن يغير من مجرى التاريخ. أضف إلى ذلك أن معونتي من الهوان والضآلة بحيث لا يخسر العالم شيئا لو أني لم أكن. بيد أني - من أجل هذه الذرة من المعونة - مكره أن أعيش وأن أتعذب وأن أنتظر الموت في حزن!»

ولم يلاحظ يوري أنه اندفع يتكلم في أمر آخر، وأنه لا يرد على نوفيكوف بل على هواجسه الغريبة المحزنة.

ثم ذكر سمينوف فجأة فسكت وسرت في ظهره رعده باردة وقال بصوت منخفض وهو ينظر إلى النافذة المظلمة: «الحقيقة أني أخشى المحتوم وأني لأعلم أن هذا طبيعي. وأنه لا يسعني أن أفر منه. ولكنه على هذا رهيب، مهول.»

فقال نوفيكوف وإن كان قد هاله صدق هذا الكلام: «إن الموت ظاهرة فسيولوجية لازبة.»

فقال يوري لنفسه: «يا له من خرف!»

ثم صاح بنوفيكوف وهو مغضب: «ماذا يهم إذا كان موتنا لازما لغيرنا أو غير لازم؟»

فقال نوفيكوف: «وما قولك في رضاك أن تصلب؟»

فأجاب يوري ببعض التردد: «هذا شيء آخر.»

فقال نوفيكوف بلهجة فيها بعض التعالي: «إنك تناقض نفسك.»

فتضايق يوري ودفع أصابعه في شعره الأسود المضطرب وقال بحدة: «إني لا أناقض نفسي أبدا! إذ من المعقول أني إذا شئت أن أموت بمحض إرادتي الحرة ...»

Página desconocida