El Hacedor de Estrellas

Zahra Sami d. 1450 AH
72

El Hacedor de Estrellas

صانع النجوم

Géneros

وبينما راح بحب، وانتقاد أيضا، يراجع كوننا في تنوعه اللانهائي وفي لحظته الوجيزة من الصفاء، شعرت بأنه قد امتلأ فجأة بمشاعر التبجيل للمخلوق الذي صنعه أو طرحه من أعماقه السرية من خلال نوع من التوليد الذاتي الإلهي. كان يعرف أن هذا المخلوق، بالرغم من عدم كماله، وبالرغم من أنه محض مخلوق، ومحض نسج خيالي من مقدرته الإبداعية، هو أكثر واقعية منه هو نفسه بطريقة ما. فماذا يكون هو نفسه مقارنة بهذا التألق المجسد سوى قدرة مجردة للخلق؟ إضافة إلى ذلك، فقد كان ذلك الشيء الذي صنعه متفوقا عليه ومعلما له أيضا في أحد الجوانب الأخرى؛ ذلك أنه حين تأمل هذا الشيء الذي هو أجمل أعماله وأكثرها براعة، بانتشاء وإجلال، كان لهذا العمل تأثير عليه قد غيره، تأثير قد نقى إرادته وعمقها. وحين حدد مزايا مخلوقه ومواطن ضعفه، نضج إدراكه هو ومهارته. أو على الأقل هكذا بدا الأمر لعقلي الحائر المترع بالرهبة.

ومن ثم فقد حدث مثلما كان يحدث غالبا من قبل، وهو أن صانع النجوم قد بدأ يمل من مخلوقه شيئا فشيئا. وصار استياؤه من ذلك الجمال الذي كان لا يزال يعتز به، يزداد بصورة مستمرة. بعد ذلك، وعلى نحو يبدو أنه صراع بين التبجيل ونفاد الصبر، وضع كوننا في مكانه الخاص بين أعماله الأخرى.

ومرة أخرى، استغرق في التأمل. ومرة أخرى، استحوذت عليه رغبة الخلق.

أما الأكوان العديدة التي تلت كوننا، فلن أقول عنها شيئا؛ إذ إنها تتجاوز قدرتي الذهنية في العديد من الجوانب. لم أستطع أن ألم بأي شيء عنها إلا أنها كانت تضم إلى جانب الكثير من الأشياء التي لا يمكن تصورها، بعض السمات التي لم تكن سوى تجسيدات رائعة لمبادئ كنت قد صادفتها من قبل؛ ومن ثم فقد فاتتني جميع الجوانب الأساسية التي تمثل بما بها من جدة.

يمكنني بالتأكيد أن أقول إن جميع هذه الأكوان، كما هو الحال بالنسبة إلى كوننا، بالغة الثراء وبالغة الدقة، وإن كلا منها يتضمن، بطريقة غريبة أو بأخرى، جانبين، أحدهما مادي والآخر ذهني؛ وإن كان الجانب المادي في العديد منها، رغم أهميته الشديدة لنمو الروح، أكثر شفافية وأكثر غرابة على نحو واضح مما هو عليه في كوننا. وفي بعض الحالات، كان ذلك ينطبق بالقدر نفسه على الجانب الذهني أيضا؛ إذ كانت الكائنات أقل عرضة بكثير لأن تخدع بغموض عمليتها الذهنية الفردية، وأكثر حساسية للشعور باتحادها الكامن.

يمكنني أن أقول أيضا إنه في هذه الأكوان جميعها، كان الهدف الذي بدا لي أن صانع النجوم يسعى إلى تحقيقه هو ثراء الوجود ورقته وعمقه وتناغمه. أما ما تعنيه هذه الكلمات بالتفصيل، فذلك مما أجد صعوبة في قوله. لقد بدا لي أنه في بعض الحالات، كما في كوننا، قد سعى إلى تحقيق هذه الغاية عن طريق عملية تطورية يكللها عقل كوني يقظ سعى إلى جمع ثروة الوجود الكوني بأكملها في وعيه وزيادتها بالنشاط الإبداعي. غير أن هذا الهدف قد تحقق في العديد من الحالات بمقدار أقل كثيرا من الجهد والمعاناة من جانب المخلوقات مقارنة بما حدث في كوننا، ودون الضياع التام الكارثي للحيوات وهو الأمر الذي يؤلمنا للغاية. بالرغم من ذلك، ففي بعض الأكوان الأخرى، بدا أن المعاناة تبلغ على الأقل تلك الدرجة نفسها من الفداحة والانتشار التي هي عليها في كوننا.

في مرحلة نضجه، تصور صانع النجوم العديد من الأشكال الغريبة للزمن. إن بعض الأكوان اللاحقة على سبيل المثال قد تضمنت في تصميمها بعدين زمنيين أو أكثر، وكانت حيوات المخلوقات فيها هي تسلسلات زمنية في أحد بعدي الزمن: «المساحة» أو «الحجم». كانت هذه الكائنات تختبر كونها على نحو غريب للغاية. كان كل منها يعيش لفترة وجيزة على أحد البعدين، ويختبر كل لحظة من حياته على أنها مشاهد متزامنة، والتي كانت بالرغم من تفرقها وغموضها، هي في حقيقة الأمر رؤية لتطور كوني «مستعرض» فريد للغاية يحدث على البعد الآخر. في بعض الحالات، كان لكل من الكائنات حياة نشطة في البعدين الزمنيين للكون. إن المهارة الإلهية، التي صممت «الحجم» الزمني بتلك الطريقة التي تتلاءم معا فيها جميع الأفعال التلقائية اللانهائية التي تصدر عن جميع الكائنات لتنتج نظاما متماسكا من حالات التطور المستعرضة، قد تجاوزت حتى براعة التجربة السابقة في «التناغم المسبق التأسيس».

في بعض الأكوان الأخرى، كان الكائن يمنح حياة واحدة فقط، لكنها تتمثل في «خط متعرج» ينتقل من بعد زمني إلى الآخر وفقا لنوعية الخيارات التي اتخذها الكائن؛ فكانت الخيارات القوية أو الأخلاقية تؤدي إلى اتجاه زمني محدد، بينما تؤدي الخيارات الضعيفة أو غير الأخلاقية إلى اتجاه آخر.

وفي أحد الأكوان البالغة التعقيد، كان الكائن متى واجه العديد من المسارات المحتملة للأفعال، اتخذها جميعا؛ فيخلق العديد من الأبعاد الزمنية المختلفة والعديد من المسارات التاريخية للكون. ولأن كل تسلسل تطوري في الكون كان يتضمن الكثير جدا من الكائنات، وكلا منها يواجه العديد من المسارات المحتملة بصفة مستمرة، وكانت توليفات جميع مساراتها لا حصر لها؛ فقد كانت كل لحظة في كل تسلسل زمني تنتج عددا لا نهائيا من الأكوان المختلفة.

في بعض الأكوان، كان كل كائن يتمتع بإدراك حسي للكون المادي بأكمله من عدة نقاط مكانية، أو حتى من جميع النقاط الممكنة. في الحالة الأخيرة، كان إدراك العقول جميعها يتطابق بالطبع في النطاق المكاني، لكنه كان يختلف من عقل إلى آخر في التعمق أو البصيرة. وقد كان هذا يتوقف على المقدرة الذهنية للعقول المحددة واستعدادها. وفي بعض الأحيان، لم تكن هذه الكائنات تتمتع بإدراك كلي الوجود فحسب، بل بإرادة كلية الوجود أيضا. كانت تستطيع القيام بالأفعال في جميع مناطق المكان، وإن كان ذلك بدقة وقوة تختلفان وفقا لمقدرتها الذهنية. لقد كانت على نحو ما، أشبه بأرواح غير متجسدة تطوف فوق الكون المادي كلاعبي الشطرنج أو كآلهة الإغريق فوق سهل طروادة.

Página desconocida