Una caja que no puede contener sueños: Una colección de cuentos
صندوق لا يتسع للأحلام: مجموعة قصصية
Géneros
خابت توقعاتي برحيلهم، ولكنهم تركوا معدتي فريسة لتشنجاتها العصبية. متى بدأ كل هذا الخوف؟ أتساءل مستهزئة بطولي الفارع وسنوات عمري التي تعدت الثلاثين، ولم تمنع ارتجافي أمام هذا المخلوق الصغير.
أهدهد مخاوفي، وأبحث في عقلي الباطن عن سبب كل هذا الرعب بحسب التفسير الفرويدي؛ فلعله هذا الكابوس الذي أفزعني طفلة، وهاجمني فيه قطيع منها، وما زالت تطاردني ذكراه حتى اليوم، ويسطو على تعاملي مع هذا الكائن، وما زال بدني يقشعر من فروها وجسدها الانسيابي.
وربما محاولات التسلل التي مارسها هذا المخلوق مرات أثناء المرحلة الابتدائية؛ حينما فوجئنا به يتحرش بأقدامنا تحت مقاعد الدراسة، فتعالت صرخات بعضنا ونحن نحتمي بأسطح المقاعد، وبعضنا استغل الفرصة للتفلت إلى ساحة الملعب، حتى نجح الفراش في طردها، وكانت النتيجة عقابا جماعيا لنا بإرسال خطابات إنذار إلى أولياء أمورنا.
أتذكر سخرية زوجي وابنتي حينما انتفضت مرات عديدة عند دخول إحداها مجال جلوسنا في الحدائق العامة أو المقاهي المفتوحة، واشتراطي على صديقة لي تمتلك إحداها ألا أدخل بيتها إلا إذا حبستها في غرفتها فترة مكوثي ببيتها.
لعل فوبيا النظافة عند أمي هي ما أورثني هذا الرعب، أو لعلها أحاديث برامج الحيوانات عن فصيلتها المستأسدة التي أصلت فيها الغدر بحسب ظني. ألعن العلماء وأطباء النفس ونظرياتهم التي تهاجمني اليوم، تكفيني فوبيا واحدة في هذا الصباح.
في هذه المرة كان الهجوم أكثر جرأة؛ حيث جاءوا جماعة وتحرشوا بطاولتي، يبحثون بدهاء عن صيد تحت قدمي المرتعشتين، حتى أصبح المكان مرتعا لأصداء المواء، فلملمت حقيبتي ورحلت.
أطأطئ رأسي وأنا أجرجر هزيمتي أمام مخاوفي، وأثناء مروري أمام الكافتيريا سمعت عاملا يشكو لآخر قسوة البشر بصوت مرتفع: «دي قطة، مش أسد، هي الناس جرى لقلوبهم إيه؟»
رقص منفرد
في درب يشبهني في غلظته، أسير وأجواء عاصفة تعلن تمردها هي أيضا على تقارير الأرصاد الجوية. أسير محتميا بمعطفي، متلحفا بأحزاني التي تشعل خطواتي. أستمع لأنشودة الريح الشجية، تواسيني في عزفها فتشبه مايسترو تتبعه فرقته في انصياع تام.
لمحته ينازع الإهمال، يفترش الطريق مستنجدا به كطفل، تراوده الريح عن نفسه فيتمنع؛ تغويه بعصاها فيطاوعها، ويبدآن رقصتهما.
Página desconocida