هو الربيع بن ضبع الفزاري، شاعر من فزارة، وبنو فزارة حلفاء بني أسد، وكان ممن يأتي السموأل فيحمله ويعطيه، وكان الربيع من الخطباء الجاهليين، وقد أدرك زمن الإسلام؛ لأنه كان من المعمرين، ويقال (؟): إنه بقي إلى أيام بني أمية، وهو القائل:
إذا عاش الفتى مائتين عاما (؟)
فقد ذهب اللذاذة والفتاء
ولما نزل عليه امرؤ القيس قال له: «يا ابن حجر، إني أراك في خلل من قومك، وأنا أنفس بمثلك من أهل الشرف، وقد كدت بالأمس تؤكل في دار طي. وأهل البادية أهل بر لا أهل حصون تمنعهم ... أفلا أدلك على بلد تلجأ إليه! فقد جئت قيصر وجئت النعمان فلم أر لضعيف نازل ولا لمجتد مثله ولا مثل صاحبه.» قال: من هو وأين منزله؟ قال: السموأل بتيماء. وسوف أضرب لك مثله وهو يمنع ضعفك حتى ترى ذات غيبك. وهو في حصن حصين وحسب كبير. وذهب به إلى السموأل، وكان من أمره معه ما كان. وقيل: إن من قال هذا القول لامرئ القيس هو عمرو بن جابر الفزاري، وعمرو هذا سار به إلى الربيع. •••
هذا مجمل ما وقف المؤلف عليه في كتب العرب بعد أن ظل مدة ينفض الغبار عن مطويات الماضي، وقضى ساعات لذيذة في مناجاة هذه الأرواح الشريفة.
ويرى القارئ مما تقدم أن هذا الموضوع من خير المواضيع الروائية التي يجدر بالكتبة أن يبرزوها إلى معاصريهم على المراسح؛ فإن فيه الحقيقة التي تولد التشويق. والحوادث التي تحرك العواطف، والعظمة التي توحي بالشعر وبليغ المعاني، فلا ينقصه إلا من يفيه حقه من التأليف. ولسنا لندعي بلوغ هذه الأمنية لحداثتنا في هذا الفن على حداثته عندنا.
وقد أضفنا إلى هذه الوقائع التاريخية من مخترعات المخيلة على قدر ما تسمح به قواعد هذا الفن. من ذلك أننا أدخلنا بين عواطف المروءة والوفاء،
4
واليأس والعظمة،
5
Página desconocida