Salvación del Extraño

Cali Khan Madani d. 1120 AH
149

صفا ذهنك ، وزادت قريحتك ، وتنقحت قوافيك ، فلازمنا تخرج الناس ، وتهب لهم الذكاء ، وتحول الكودن عتيقا والمحمر (1) جوادا. ثم لا يصرفه عن مجلسه إلا بجائزة سنية. وإنما يفعل ذلك ليغايظ الجماعة من الشعراء والفضلاء ، لأنهم يعلمون أن ذلك الرجل لا يزن بيتا ، ولا يعرض (2) مصراعا ، ولا يذوق عروضا.

وقال يوما : من في الدار؟ فقيل : أبو القاسم الكاتب ، وابن ثابت ، فعمل في الحال بيتين وقال لإنسان بين يديه : إذا أذنت لهذين فادخل بعدهما بساعة وقل : قد قلت بيتين فإن رسمت لي إنشادهما أنشدت. وازعم أنك بدهت بهما ، ولا تجزع من تأفيفي بك ، ولا تفزع لنكيري عليك. ودفع البيتين إليه ، وأمره بالخروج إلى الصحن. وأذن للرجلين حتى وصلا ، فلما جلسا وأنسا دخل الرجل ، وأخذ يتلمظ يري أنه يعرض شعرا ثم قال : يا مولانا قد حضرني بيتان فإن أذنت أنشدت ، قال : أنت أنشأت؟ أنت أخرق سفيه سخيف لا تقول شيئا فيه خير ، اكفني أمرك وشعرك. قال : يا مولاي هي بديهتي فإن كسرتني ظلمتني ، وعلى كل حال فاسمع ، فإن كانا بارعين (3) وإلا فعاملني بما تحب ، فالعبد عبدك والأمر أمرك. قال : أنت لجوج هات. فأنشد :

يا أيها الصاحب تاج العلى

لا تجعلني نهزة الشامت

فقال الصاحب : قاتلك الله لقد أحسنت وأنت مسيء ، قال أبو القاسم فكدت أتفقأ غيظا لأني علمت أنها من فعلاته المعروفة ، وكان ذلك الجاهل لا يعرض بيتا.

ولما توفي الصاحب رحمه الله تعالى رثاه أكثر شعراء عصره (ووقفت على

Página 161