[ شروط الإمام ]
وعلى كل مؤمن صلى، أن لا يصلي مع من لا يتولى، ولا يتخذه في صلاته له سترا، لأن الله لم يجعل له زكاة ولا طهرا، وليس لأحد أن يستتر بغير طاهر، من كل ما يستتر به ساتر، وإذا فسد أن يصلي للدنس والنجس إلى قبلة أو حجر، فكيف يجوز أن يصلي خلف ظالم أو فاجر ؟! وهو أدنس من القبلة والحجر دنسا! وأنجس مما نجس نجسا، وكيف يؤتم ويقدم، من يتعدى ويفجر ويظلم ؟ وهو عند الله مهان ملعون، ولله بتعديه وظلمه عدو مبين، والتقدمة والإمامة، تشريف وكرامة، وصلاته ووضوءه وطهارته غير مقبولة، والمغفرة من الله بجرمه ما أقام عليه غير مأمولة، لأنه يقول سبحانه :{ إنما يتقبل الله من المتقين } [المائدة: 27]، وإذا لم يتقبل منه وضوءه فليس من المتطهرين.
وإذا لم يكن متطهرا ولا زكيا نقيا، فليس لأحد أن يصلي معه ولا يكون[به] في صلاته مقتديا، وقد وضعنا لهذا في كتاب الطهارة، حججا فيها منه بيان وإثارة، وفيه إن شاء الله ما شفى وكفى، لمن كان للحق من نفسه منصفا.
وفي القيام في الأمر المفروض الصلوات، لا فيما يتقرب به إلى الله من النوافل المتطوعات، ما يقول جل ثناؤه، وتباركت بقدسه أسماؤه: { فإذا أمنتم } [البقرة: 239 ]. يعني: سبحانه: من الخوف فكنتم آمنين: { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين } [البقرة: 238]. وفي الافتتاح للصلاة والتكبير، وفي التخفيت من المخافتة بالصلاة والتجهير، بعد افتتاحها وتكبيرتها الأولى، ما يقول فيها سبحانه لمن صلى: { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا } [الإسراء: 110]. يقول سبحانه اطلب من القول بين الإخفات والجهر قبيلا، فأمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه في الصلاة، بالواسط بين الجهر والاخفات من القرآة، اختيارا منه سبحانه في الأشياء للأوساط، على التقصير فيها والإفراط، لأن الاخفات فيها شبيه بالسر والضمير المكتوم، والاجهار الفاحش من الأصوات شبيه بالتنكير المذموم.
Página 471