Salat al-Musafir
صلاة المسافر
Editorial
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Número de edición
السنة الخامسة. عشر العدد الثامن والخمسون. ربيع الأخر-جمادى الأولى
Año de publicación
جمادى الأخرة ١٤٠٣هـ
Géneros
وقد أجاب المحدثون عن هذه الاشكالات وأطالوا البحث فيها فقال الخطابي: "الجمع رخصة فلو كان على ما ذكروه لكان أعظم ضيقًا من الإتيان بكل صلاة في وقتها، لأن أوائل الأوقات وأواخرها مما لا يدركه الخاصة فضلًا عن العامة١.
وقال ابن قدامة: "وهذا فاسد لوجهين: أحدهما أنه جاء الخبر صحيحًا في أنه كان يجمعها في وقت إحداهما. والثاني: أن الجمع رخصة فلو كان على ما ذكروه لكان أشد ضيقًا وأعظم حرجًا من الاتيان بكل صلاة في وقتها، لأن الاتيان بكل صلاة في وقتها أوسع من مراعاة طرفي الوقتين بحيث لا يبقى من وقت الأولى إلا قدر فعلها، ومن تدبر هذا وجده كما وصفناه، ولو كان الجمع هكذا لجاز الجمع بين العصر والمغرب، والعشاء والصبح، ولا خلاف بين الأمة في تحريم ذلك، والعمل بالخبر على الوجه السابق إلى الفهم منه أولى من هذا التكلف الذي يصان كلام رسول الله ﷺ من حمله عليه"٢.
والدليل على أن الجمع رخصة قول ابن عباس: "أراد أن لا يحرج أمته" رواه مسلم.
وأما من خص الجمع بمن جد به السير فيرد عليه بما وقع التصريح في حديث معاذ بن جبل: "أن النبي ﷺ أخر الصلاة في غزوة تبوك، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعًاثم دخل، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جمعًا"٣.
قال الإمام الشافعي: "قوله: دخل ثم خرج: لا يكون إلا هو نازل، فللمسافر أن يجمع نازلا ومسافرا". وقال ابن عبد البر: "في هذا أوضح دليل على الرد من قال:
لا يجمع إلا من جد به السير، وهو قاطع للالتباس"٤.
وأما قول العلماء الحنفية: "لا يجوز أن نترك ما ثبت بالتواتر في كتاب الله وفي سنة رسول الله ﷺ بخبر الآحاد".
فيجاب ليس هناك ترك لما في الكتاب والسنة وإنما هو تخصيص، وتخضيض المتواتر يجوز بالحديث الصحيح وهو معلوم من أصول الدين. ويبدو أن المحققين من العلماء الحنفية لما وجدوا صعوبة حمل الأحاديث الصحيحة على الجمع الصوري رجعوا عما كانوا عليه.
_________
١ الفتح: ٢/٥٨٠.
٢ المغني: ١/٢٢٤.
٣ رواه مالك في الموطأ: ١/١٢٣ مع التنوير.
٤ انظر فتح الباري.
1 / 91